للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَنْ حَلَفَ حَالَةَ الْكُفْرِ لَا كَفَّارَةَ فِي حِنْثِهِ، وَمَنْ قَالَ: إِنْ شَاءَ اللَّهُ مُتَّصِلًا بِيَمِينِهِ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ.

فَصْلٌ حَلَفَ لَا يَخْرُجُ، فَأَمَرَ رَجُلًا فَأَخْرَجَهُ حَنِثَ، وَإِنْ أَخْرَجَهُ مُكْرَهًا لَا يَحْنَثُ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

وَحْدَهَا صُدِّقَ وَلَا يَحْنَثُ بِالْأَكْلِ وَالشُّرْبِ. قَالَ مَشَايِخُنَا هَذَا فِي عُرْفِهِمْ، أَمَّا فِي عُرْفِنَا يَكُونُ طَلَاقًا عُرْفًا، وَيَقَعُ بِغَيْرِ نِيَّةٍ لِأَنَّهُمْ تَعَارَفُوهُ فَصَارَ كَالصَّرِيحِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، وَلَوْ قَالَ: مَالُ فُلَانٍ عَلَيَّ حَرَامٌ فَأَكَلَهُ أَوْ أَنْفَقَهُ حَنِثَ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَنَّهُ لَا يَحِلُّ لِيَ لِأَنَّهُ حَرَامٌ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَرْتَكِبُ حَرَامًا فَهُوَ عَلَى الزِّنَا، وَإِنْ كَانَ مَجْبُوبًا فَعَلَى الْقُبْلَةِ الْحَرَامِ وَأَشْبَاهِهَا، وَلَوْ حَلَفَ لَا يَطَأُ حَرَامًا فَوَطِئَ امْرَأَتَهُ حَالَةَ الْحَيْضِ وَالظِّهَارِ لَمْ يَحْنَثْ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَهُ، لِأَنَّ الْحُرْمَةَ لِعَارِضٍ لَا أَنَّ الْوَطْءَ حَرَامٌ فِي نَفْسِهِ.

قَالَ: (وَمَنْ حَلَفَ حَالَةَ الْكُفْرِ لَا كَفَّارَةَ فِي حِنْثِهِ) لِأَنَّ الْكَافِرَ لَيْسَ بِأَهْلٍ لِلْيَمِينِ لِأَنَّهَا تَعْظِيمُ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَا تَعْظِيمَ مَعَ الْكُفْرِ وَلَيْسَ أَهْلًا لِلْكَفَّارَةِ لِأَنَّهَا عِبَادَةٌ حَتَّى تَتَأَدَّى بِالصَّوْمِ، وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِهَا وَتَبْطُلُ الْيَمِينُ بِالرِّدَّةِ، فَلَوْ أَسْلَمَ بَعْدَهَا لَا يَلْزَمُهُ حُكْمُهَا لِأَنَّ الرِّدَّةَ تُبْطِلُ الْأَعْمَالَ.

قَالَ: (وَمَنْ قَالَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ مُتَّصِلًا بِيَمِينِهِ فَلَا حِنْثَ عَلَيْهِ) وَقَدْ مَرَّ فِي الطَّلَاقِ، وَلَا بُدَّ مِنَ الِاتِّصَالِ لِأَنَّ بِالسُّكُوتِ يَتِمُّ الْكَلَامُ فَالِاسْتِثْنَاءُ بَعْدَهُ يَكُونُ رُجُوعًا وَلَا رُجُوعَ فِي الْيَمِينِ.

[فصل في الْخُرُوجِ]

فَصْلٌ الْخُرُوجُ: هُوَ الِانْفِصَالُ مِنَ الدَّاخِلِ إِلَى الْخَارِجِ، وَالدُّخُولُ: الِانْفِصَالُ مِنَ الْخَارِجِ إِلَى الدَّاخِلِ، فَعَلَى أَيِّ وَصْفٍ وُجِدَ كَانَ خُرُوجًا، سَوَاءٌ كَانَ رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا مِنَ الْبَابِ أَوْ مِنَ السَّطْحِ أَوْ مِنْ ثُقْبٍ فِي الْحَائِطِ أَوْ تَسَوَّرَ الْحَائِطَ، إِلَّا أَنْ يَقُولَ مِنْ بَابِ الدَّارِ، فَلَا يَحْنَثُ إِلَّا بِالْخُرُوجِ مِنَ الْبَابِ.

قَالَ: (حَلَفَ لَا يَخْرُجُ فَأَمَرَ رَجُلًا فَأَخْرَجَهُ حَنِثَ) لِأَنَّ الْفِعْلَ مُضَافٌ إِلَيْهِ بِالْأَمْرِ كَمَا إِذَا رَكِبَ دَابَّةً فَخَرَجَتْ بِهِ.

(وَإِنْ أَخْرَجَهُ مُكْرَهًا لَا يَحْنَثُ) لِعَدَمِ إِضَافَةِ الْفِعْلِ إِلَيْهِ لِعَدَمِ الْأَمْرِ وَهُوَ مُخْرَجٌ وَلَيْسَ بِخَارِجٍ. وَقِيلَ إِنْ قَدَرَ عَلَى الِامْتِنَاعِ حَنِثَ عِنْدَ مُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَمْتَنِعْ مَعَ الْقُدْرَةِ صَارَ كَأَنَّهُ فَعَلَ الدُّخُولَ كَرُكُوبِ الدَّابَّةِ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ - رَحِمَهُ اللَّهُ - أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِدَاخِلٍ. وَرَوَى مُحَمَّدٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ لَوْ حَمَلَهُ بِرِضَاهُ لَا بِأَمْرِهِ لَا يَحْنَثُ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِفَاعِلٍ لِلدُّخُولِ، وَالْيَمِينُ مُنْعَقِدَةٌ عَلَى الْفِعْلِ دُونَ الرِّضَا وَالْإِرَادَةُ، أَوْ نَقُولُ: الْفِعْلُ إِنَّمَا يُضَافُ إِلَيْهِ بِأَمْرِهِ. وَقِيلَ: يَحْنَثُ وَالْحَلِفُ عَلَى الدُّخُولِ عَلَى هَذِهِ الْوُجُوهِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>