للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَا مَنْ سَرَقَ مِنْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ، أَوْ مِنْ سَيِّدِهِ، أَوْ مِنَ امْرَأَةِ سَيِّدِهِ، أَوْ زَوْجِ سَيِّدَتِهِ، أَوْ زَوْجَتِهِ، أَوْ مُكَاتَبِهِ، أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ مِنَ الْغَنِيمَةِ، أَوْ مِنْ مَالٍ لَهُ فِيهِ شَرِكَةٌ.

وَتُقْطَعُ يَمِينُ السَّارِقِ مِنَ الزَّنْدِ وَتُحْسَمُ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

عَلَى السَّارِقِ نَصًّا؛ فَلَوْ أَوْجَبْنَاهُ عَلَيْهِ كَانَ إِلْحَاقًا لَهُ بِهِ فَيَكُونُ إِيجَابُ الْحُدُودِ بِالْقِيَاسِ فَلَا يَجُوزُ، وَلِأَنَّهُ لَيْسَ مِلْكًا لِلْمَيِّتِ لِانْقِطَاعِ مِلْكِهِ عَنْهُ بِالْمَوْتِ، وَلَا مِلْكًا لِلْوَرَثَةِ لِعَدَمِ جَوَازِ تَصَرُّفِهِمْ فِيهِ، فَلَمْ يَكُنْ لَهُ مَالِكٌ مُعَيَّنٌ فَلَا يُقْطَعُ كَمَالِ بَيْتِ الْمَالِ، وَمَا رَوَاهُ مَحْمُولٌ عَلَى السِّيَاسَةِ. وَقِيلَ هُوَ مَوْقُوفٌ وَلَيْسَ بِمَرْفُوعٍ.

قَالَ: (وَلَا مَنْ سَرَقَ ذِي رَحِمٍ مُحَرَّمٍ، أَوْ مِنْ سَيِّدِهِ، أَوْ مِنِ امْرَأَةِ سَيِّدِهِ، أَوْ زَوْجِ سَيِّدَتِهِ، أَوْ زَوْجَتِهِ، أَوْ مُكَاتَبِهِ، أَوْ مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، أَوْ مِنَ الْغَنِيمَةِ، أَوْ مَنْ مَالٍ لَهُ فِيهِ شَرِكَةٌ) لِوُقُوعِ الْخَلَلِ فِي الْحِرْزِ لِوُجُودِ الْإِذْنِ فِي الدُّخُولِ فِي الْبَعْضِ وَبُسُوطَةٍ فِي الْبَعْضِ فِي مَالِ الْآخَرِ، وَلِأَنَّ لَهُ حَقًّا فِي أَكْسَابِ الْمُكَاتَبِ وَلَهُ نَصِيبٌ فِي بَيْتِ الْمَالِ وَالْمَغْنَمِ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ -، وَكَذَا إِذَا سَرَقَ الْمُكَاتَبُ مِنْ مَوْلَاهُ لَا يُقْطَعُ، وَلَا يُقْطَعُ بِالسَّرِقَةِ مِنْ غَرِيمِهِ مِثْلَ مَالِهِ عَلَيْهِ لِأَنَّهُ اسْتَوْفَى حَقَّهُ، وَالْحَالُّ وَالْمُؤَجَّلُ سَوَاءٌ، لِأَنَّ الْحَقَّ ثَابِتٌ وَالتَّأْجِيلُ لِتَأْخِيرِ الْمُطَالَبَةِ، وَكَذَا لَوْ سَرَقَ أَكَثْرَ مِنْ حَقِّهِ لِأَنَّهُ يَصِيرُ شَرِيكًا بِمِقْدَارِ حَقِّهِ.

وَكَذَا إِذَا أَخَذَ أَجْوَدَ مِنْ دَرَاهِمِهِ أَوْ أَرْدَأَ، لِأَنَّ الْجِنْسَ مُتَّحِدٌ؛ وَيُقْطَعُ بِسَرِقَةِ خِلَافِ جِنْسِ مَا عَلَيْهِ، لِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ وِلَايَةُ الِاسْتِيفَاءِ مِنْهُ إِلَّا بَيْعًا إِلَّا إِذَا قَالَ: أَخَذْتُهُ رَهْنًا بِحَقِّي أَوْ قَضَاءً بِهِ فَلَا يُقْطَعُ لِأَنَّهُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَقَدْ ظُنَّ فِي مَوْضِعِهِ. قَوْمٌ سَرَقُوا وَفِيهِمْ صَبِيٌّ أَوْ مَجْنُونٌ لَا قَطْعَ عَلَيْهِمْ، وَإِنْ تَوَلَّى ذَلِكَ الْكَبِيرُ لِأَنَّهُ فِعْلُ وَاحِدٍ لَمْ يُوجِبِ الْقَطْعَ عَلَى الْبَعْضِ فَلَا يَجِبُ عَلَى الْبَاقِينَ لِلشُّبْهَةِ، وَكَذَا شَرِيكُ ذِي الرَّحِمِ الْمُحْرَمِ.

وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: ادْرَإِ الْحَدَّ عَنِ الصَّبِيِّ وَالْمَحْرَمِ، وَاقْطَعِ الْآخَرَ اعْتِبَارًا لِحَالَةِ الِاجْتِمَاعِ بِحَالَةِ الِانْفِرَادِ، إِذْ فِعْلُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مُعْتَبَرٌ بِانْفِرَادِهِ، وَشَرِيكُ الْأَخْرَسِ كَشَرِيكِ الصَّبِيِّ فِي الْخِلَافِ لِأَنَّهُ لَا حَدَّ عَلَى الْأَخْرَسِ لِاحْتِمَالِ أَنَّهُ لَوْ نَطَقَ ادَّعَى شُبْهَةَ الشَّرِكَةِ وَنَحْوِهَا. قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: لَا يُقْطَعُ الْأَعْمَى إِذَا سَرَقَ لِجَهْلِهِ بِمَالِ غَيْرِهِ وَحِرْزِ غَيْرِهِ.

[[فصل بيان محل القطع]]

فَصْلٌ (وَتُقْطَعُ يَمِينُ السَّارِقِ مِنَ الزَّنْدِ وَتُحْسَمُ) أَمَّا الْقَطْعُ فَلِلْقِرَاءَةِ الْمَشْهُورَةِ، وَأَمَّا الْيَمِينُ فَلِقِرَاءَةِ ابْنِ مَسْعُودٍ وَعَلَيْهِ الْإِجْمَاعُ. وَأَمَّا مِنَ الزَّنْدِ لِأَنَّ الْآيَةَ مُجْمَلَةٌ، فَإِنَّ الْيَدَ تَتَنَاوَلُ إِلَى الْإِبِطِ وَتَتَنَاوَلُ إِلَى الزَّنْدِ وَإِلَى الْمِرْفَقِ، وَقَدْ وَرَدَتِ السُّنَّةُ مُفَسِّرَةً لَهَا بِمَا ذَكَرْنَا، فَإِنَّ «النَّبِيَّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَمَرَ بِقَطْعِ يَدِ السَّارِقِ مِنَ الزَّنْدِ» . وَأَمَّا الْحَسْمُ فَلِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -:

<<  <  ج: ص:  >  >>