للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَوَصْلُ الشَّعْرِ بِشَعْرِ الْآدَمِيِّ حَرَامٌ؛ وَيُكْرَهُ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ إِلَّا بِهِ، أَوْ يَقُولَ فِي دُعَائِهِ: أَسْأَلُكَ بِمَعْقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكَ؛ وَرَدُّ السَّلَامِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مَنْ سَمِعَ السَّلَامَ إِذَا قَامَ بِهِ بَعْضُ الْقَوْمِ سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ. وَالتَّسْلِيمُ سُنَّةٌ وَثَوَابُ الْمُسَلِّمِ أَكْثَرُ؛

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

وَلِأَنَّهُ إِنْ قَامَرَ عَلَيْهِ فَهُوَ مَيْسِرٌ وَإِلَّا فَهُوَ عَبَثٌ وَالْكُلُّ حَرَامٌ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَسْتُ مِنْ دَدٍ وَلَا الدَّدُ مِنِّي» أَيِ اللَّعِبُ، وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «مَا أَلْهَاكَ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ فَهُوَ مَيْسِرٌ» وَهَذَا اللَّعِبُ مِمَّا يُلْهِي عَنِ الْجُمَعِ وَالْجَمَاعَاتِ فَيَكُونُ حَرَامًا. وَعَنْ عَلِيٍّ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ - أَنَّهُ مَرَّ عَلَى قَوْمٍ يَلْعَبُونَ بِالشَّطَرَنْجِ فَلَمْ يُسَلِّمْ عَلَيْهِمْ وَقَالَ: مَا هَذِهِ التَّمَاثِيلُ الَّتِي أَنْتُمْ لَهَا عَاكِفُونَ؟ . وَعَنِ ابْنِ عُمَرَ مِثْلُهُ. وَلَمْ يَرَ أَبُو حَنِيفَةَ بَأْسًا بِالسَّلَامِ عَلَيْهِمْ لِيَشْغَلَهُمْ عَنِ اللَّعِبِ، وَكَرِهَا ذَلِكَ اسْتِحْقَارًا بِهِمْ وَإِهَانَةً لَهُمْ.

وَالْجَوْزُ الَّذِي يَلْعَبُ بِهِ الصِّبْيَانُ يَوْمَ الْعِيدِ يُؤْكَلُ إِنْ لَمْ يَكُنْ عَلَى سَبِيلِ الْمُقَامَرَةِ، لِمَا رُوِيَ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ كَانَ يَشْتَرِي الْجَوْزَ لِصِبْيَانِهِ يَوْمَ الْفِطْرِ يَلْعَبُونَ بِهِ وَكَانَ يَأْكُلُ مِنْهُ، فَإِنْ قَامَرُوا بِهِ حَرُمَ. قَالَ: (وَوَصْلُ الشَّعْرِ بِشَعْرِ الْآدَمِيِّ حَرَامٌ) سَوَاءٌ كَانَ شَعْرَهَا أَوْ شَعْرَ غَيْرِهَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لَعَنَ اللَّهُ الْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ وَالْوَاشِرَةَ وَالْمُوشِرَةَ وَالنَّامِصَةَ وَالْمُتَنَمِّصَةَ» ؛ فَالْوَاصِلَةُ: الَّتِي تَصِلُ الشَّعْرَ بِشِعْرِ الْغَيْرِ، أَوِ الَّتِي تُوصِلُ شَعْرَهَا بِشِعْرٍ آخَرَ زُورًا؛ وَالْمُسْتَوْصِلَةُ: الَّتِي تُوَصَّلُ لَهَا ذَلِكَ بِطَلَبِهَا؛ وَالْوَاشِمَةُ: الَّتِي تَشِمُ فِي الْوَجْهِ وَالذِّرَاعِ، وَهُوَ أَنْ تَغْرِزَ الْجِلْدَ بِإِبْرَةٍ ثُمَّ يُحْشَى بِكُحْلٍ أَوْ نَيْلٍ فَيَزْرَقُّ؛ وَالْمُسْتَوْشِمَةُ الَّتِي يُفْعَلُ بِهَا ذَلِكَ؛ وَالْوَاشِرَةُ الَّتِي تُفَلِّجُ أَسْنَانَهَا: أَيْ تُحَدِّدُهَا وَتُرَقِّقُ أَطْرَافَهَا تَفْعَلُهُ الْعَجُوزُ تَتَشَبَّهُ بِالشَّوَابِّ؛ وَالْمُوشِرَةُ: الَّتِي يُفْعَلُ بِهَا بِأَمْرِهَا؛ وَالنَّامِصَةُ: الَّتِي تَنْتِفُ الشَّعْرَ مِنَ الْوَجْهِ؛ وَالْمُتَنَمِّصَةُ: الَّتِي يُفْعَلُ بِهَا ذَلِكَ.

قَالَ: (وَيُكْرَهُ أَنْ يَدْعُوَ اللَّهَ إِلَّا بِهِ) ؛ فَلَا يَقُولُ أَسْأَلُكَ بِفُلَانٍ أَوْ بِمَلَائِكَتِكَ أَوْ بِأَنْبِيَائِكَ وَنَحْوِ ذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا حَقَّ لِلْمَخْلُوقِ عَلَى الْخَالِقِ، (أَوْ يَقُولُ فِي دُعَائِهِ: أَسْأَلُكَ بِمَعْقِدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكِ) ؛ وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يَجُوزُ، فَقَدْ جَاءَ فِي الْأَثَرِ: «اللَّهُمَّ إِنِّي أَسْأَلُكَ بِمَعْقَدِ الْعِزِّ مِنْ عَرْشِكِ وَمُنْتَهَى الرَّحْمَةِ مِنْ كِتَابِكَ، وَبِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ وَكَلِمَاتِكَ التَّامَّةِ» . وَوَجْهُ الظَّاهِرِ أَنَّهُ يُوهِمُ تَعَلُّقَ عِزِّهِ بِالْعَرْشِ، وَصِفَاتُ اللَّهِ تَعَالَى جَمِيعُهَا قَدِيمَةٌ بِقَدَمِهِ، فَكَانَ الِاحْتِيَاطُ فِي الْإِمْسَاكِ عَنْهُ، وَمَا رَوَاهُ خَبَرُ آحَادٍ لَا يُتْرَكُ بِهِ الِاحْتِيَاطُ.

(وَرَدُّ السَّلَامِ فَرِيضَةٌ عَلَى كُلِّ مَنْ سَمْعِ السَّلَامَ إِذَا قَامَ بِهِ بَعْضُ الْقَوْمِ سَقَطَ عَنِ الْبَاقِينَ، وَالتَّسْلِيمُ سُنَّةٌ) وَالرَّدُّ فَرِيضَةٌ لِأَنَّ الِامْتِنَاعَ عَنِ الرَّدِّ إِهَانَةٌ بِالْمُسْلِمِ وَاسْتِخْفَافٌ بِهِ وَإِنَّهُ حَرَامٌ؛ (وَثَوَابُ الْمُسَلِّمِ أَكْثَرُ) قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ -: «لِلْبَادِي مِنَ الثَّوَابِ عَشَرَةٌ، وَلِلرَّدِّ وَاحِدَةٌ» ؛ وَلَا يَصِحُّ الرَّدُّ حَتَّى يُسْمِعَهُ الْمُسَلِّمُ، لِأَنَّهُ إِنَّمَا يَكُونُ جَوَابًا إِذَا سَمِعَهُ الْمُخَاطَبُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَصَمَّ فَيَنْبَغِي أَنْ يَرُدَّ عَلَيْهِ بِتَحْرِيكِ شَفَتِهِ؛

<<  <  ج: ص:  >  >>