للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَمَا هُوَ مُقَدَّرٌ مِنَ الدِّيَةِ مُقَدَّرٌ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ.

بَابُ الْقَسَامَةِ الْقَتِيلُ: كُلُّ مَيِّتٍ بِهِ أَثَرٌ، فَإِذَا وُجِدَ فِي مَحِلَّةٍ لَا يُعْرَفُ قَاتِلُهُ وَادَّعَى وَلِيُّهُ الْقَتْلَ عَلَى أَهْلِهَا أَوْ عَلَى بَعْضِهِمْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ يَخْتَارُ مِنْهُمْ خَمْسِينَ رَجُلًا يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا عَلِمْنَا لَهُ قَاتِلًا، ثُمَّ يُقْضَى بِالدِّيَةِ عَلَى أَهْلِ الْمَحِلَّةِ،

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

مِثْلَ مَذْهَبِهِمَا. وَأَمَّا قَلِيلُ الْقِيمَةِ فَالْوَاجِبُ بِمُقَابَلَةِ الْآدَمِيَّةِ أَيْضًا، إِلَّا أَنَّهُ لَا نَصَّ فِيهِ فَقَدَّرْنَاهُ بِقِيمَتِهِ رَأْيًا إِذْ هُوَ الْأَعْدَلُ، وَفِي كَثِيرِ الْقِيمَةِ نَصٌّ؛ لِأَنَّهُ وَرَدَ فِي الْحُرِّ بِعَشَرَةِ آلَافٍ، إِلَّا أَنَّا نَقَصْنَا دِيَةَ الْعَبْدِ مِنْ ذَلِكَ إِظْهَارًا لِشَرَفِهِ وَانْحِطَاطًا لِرُتْبَةِ الْعَبْدِ عَنْهُ، وَالتَّقْدِيرُ بِعَشَرَةٍ مَأْثُورٌ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ - رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا -، وَلِأَنَّهُ أَقَلُّ مَالٍ لَهُ خَطَرٌ فِي الشَّرْعِ؛ لِأَنَّ بِهِ تُسْتَبَاحُ الْفُرُوجُ وَالْأَيْدِي فَقَدَّرْنَاهُ بِهِ، وَكَذَلِكَ الْأَمَةُ عَلَى الْخِلَافِ وَالتَّعْلِيلِ فِي كَثِيرِ الْقِيمَةِ وَقَلِيلِهَا.

قَالَ: (وَمَا هُوَ مُقَدَّرٌ مِنَ الدِّيَةِ مُقَدَّرٌ مِنْ قِيمَةِ الْعَبْدِ) فَفِي يَدِ الْعَبْدِ خَمْسَةُ آلَافٍ إِلَّا خَمْسَةً إِذَا كَانَ كَثِيرَ الْقِيمَةِ ; لِأَنَّ الْوَاجِبَ فِي نَفْسِهِ عَشَرَةُ آلَافٍ إِلَّا عَشَرَةً، وَالْيَدُ نِصْفُ الْآدَمِيِّ فَيَجِبُ نِصْفُ مَا فِي النَّفْسِ، وَعَلَى هَذَا سَائِرُ الْأَعْضَاءِ.

[بَابُ الْقَسَامَةِ]

ِ وَهِيَ مَصْدَرُ أَقْسَمَ يُقْسِمُ قَسَامَةً، وَهِيَ الْأَيْمَانُ، وَخُصَّ هَذَا الْبَابُ بِهَذَا الِاسْمِ لِأَنَّ مَبْنَاهُ عَلَى الْأَيْمَانِ فِي الدِّمَاءِ، وَهِيَ مَشْرُوعَةٌ بِالْإِجْمَاعِ، وَالْأَحَادِيثِ عَلَى مَا يَأْتِيكَ.

قَالَ: (الْقَتِيلُ: كُلُّ مَيِّتٍ بِهِ أَثَرٌ) أَيْ أَثَرُ الْقَتْلِ ; لِأَنَّهُ إِذَا لَمْ يَكُنْ بِهِ أَثَرٌ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَاتَ حَتْفَ أَنْفِهِ وَلَيْسَ بِقَتِيلٍ فَلَا يَتَعَلَّقُ بِهِ يَمِينٌ وَلَا ضَمَانٌ، وَأَثَرُ الْقَتْلِ جُرْحٌ أَوْ أَثَرُ ضَرْبٍ أَوْ خَنْقٍ أَوْ خُرُوجُ الدَّمِ مِنْ عَيْنِهِ أَوْ أُذُنِهِ ; لِأَنَّ الدَّمَ لَا يَخْرُجُ مِنْهَا عَادَةً إِلَّا بِفِعْلٍ، أَمَّا إِذَا خَرَجَ مِنْ فَمِهِ أَوْ دُبُرِهِ أَوْ ذَكَرِهِ فَلَيْسَ بِقَتِيلٍ ; لِأَنَّ الدَّمَ يَخْرُجُ مِنْ هَذِهِ الْمَوَاضِعِ مِنْ غَيْرِ فِعْلٍ عَادَةً، وَهَذَا لِأَنَّ الْقَتِيلَ مَنْ فَاتَتْ حَيَاتُهُ بِسَبَبٍ يُبَاشِرُهُ غَيْرُهُ مِنَ النَّاسِ عُرْفًا، فَإِذَا عَلِمْنَا أَنَّهُ قَتِيلٌ.

(فَإِذَا وُجِدَ فِي مَحِلَّةٍ لَا يُعْرَفُ قَاتِلُهُ) لِأَنَّهُ إِذَا عُرِفَ قَاتِلُهُ لَا قَسَامَةَ، فَإِذَا لَمْ يُعْرَفْ (وَادَّعَى وَلِيُّهُ الْقَتْلَ عَلَى أَهْلِهَا أَوْ عَلَى بَعْضِهِمْ عَمْدًا أَوْ خَطَأً وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ يَخْتَارُ مِنْهُمْ خَمْسِينَ رَجُلًا) ؛ لِأَنَّ الْحَقَّ لَهُ فَلَا بُدَّ مِنْ دَعْوَاهُ، وَإِذَا كَانَ لَهُ بَيِّنَةٌ فَلَا حَاجَةَ إِلَى الْقَسَمِ، فَإِذَا ادَّعَى وَلَا بَيِّنَةَ لَهُ وَجَبَتِ الْيَمِينُ فَيَخْتَارُ خَمْسِينَ رَجُلًا.

(يَحْلِفُونَ بِاللَّهِ مَا قَتَلْنَاهُ وَلَا عَلِمْنَا لَهُ قَاتِلًا، ثُمَّ يَقْضِي بِالدِّيَةِ عَلَى أَهْلِ الْمَحِلَّةِ) أَيْ عَلَى عَاقِلَتِهِمْ. وَالْأَصْلُ فِي ذَلِكَ مَا رُوِيَ: «أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَهْلٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>