للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْغَرْقَى وَالْهَدْمَى إِذَا لَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمْ مَاتَ أَوَّلًا، فَمَالَ كُلُّ وَاحِدٍ لِلْأَحْيَاءِ مِنْ وَرَثَتِهِ.

ــ

[الاختيار لتعليل المختار]

ذَوِي الْأَرْحَامِ، وَإِنَّمَا نُوَرِّثُهُ عِنْدَ عَدَمِهِمْ فَلَا تَكُونُ الْآيَةُ نَاسِخَةً وَهُوَ مَذْهَبُ أَصْحَابِنَا، وَلِأَنَّهُ جَعَلَ مَالَهُ لَهُ بِعَقْدِهِ، وَلَا تَعَلُّقَ لِلْوَارِثِ بِهِ فَصَارَ كَالْوَصِيَّةِ بِجَمِيعِ الْمَالِ وَلَا وَارِثَ لَهُ، أَوْ كَانَ لَكِنَّهُ أَجَازَ الْوَصِيَّةَ فَإِنَّهُ يَجُوزُ كَذَا هَذَا، فَصَارَ مُسْتَحِقًّا لِلْمَالِ فَلَا يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ ; لِأَنَّهُ إِنَّمَا يُوضَعُ فِي بَيْتِ الْمَالِ عِنْدَ عَدَمِ الْمُسْتَحِقِّ لَا أَنَّهُ مُسْتَحَقٌّ «وَسُئِلَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ رَجُلٍ أَسْلَمَ عَلَى يَدِ رَجُلٍ وَوَالَاهُ فَقَالَ: هُوَ أَحَقُّ النَّاسِ بِهِ مَحْيَاهُ وَمَمَاتُهُ» يُشِيرُ إِلَى الْعَقْلِ وَالْإِرْثِ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ.

[فصل مِيرَاثُ الْغَرْقَى وَالْهَدْمَى]

فَصْلٌ (الْغَرْقَى وَالْهَدْمَى إِذَا لَمْ يُعْلَمْ أَيُّهُمْ مَاتَ أَوَّلًا، فَمَالُ كُلِّ وَاحِدٍ لِلْأَحْيَاءِ مِنْ وَرَثَتِهِ) وَهَكَذَا الْحُكْمُ فِي كُلِّ جَمَاعَةٍ مَاتُوا وَلَا يُدْرَى أَيُّهُمْ مَاتَ أَوَّلًا كَالْقَتْلَى وَالْحَرْقَى وَنَحْوِهِمْ، وَهُوَ قَوْلُ عَامَّةِ الصَّحَابَةِ وَالْعُلَمَاءِ. وَعَنْ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ أَنَّهُ يَرِثُ بَعْضُهُمْ بَعْضًا إِلَّا مَا وَرِثَ مِنْ صَاحِبِهِ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ أَوَّلًا.

مِثَالُهُ: أَخَوَانِ غَرِقَا وَلِكُلِّ وَاحِدٍ تِسْعُونَ دِينَارًا وَخَلَّفَ بِنْتًا وَأُمًّا وَعَمًّا، فَعِنْدَ عَامَّةِ الْعُلَمَاءِ تُقَسَّمُ تَرِكَةُ كُلِّ وَاحِدٍ بَيْنَ الْأَحْيَاءِ مِنْ وَرَثَتِهِ الْبِنْتِ وَالْأُمِّ وَالْعَمِّ عَلَى سِتَّةٍ، وَلَا يَرِثُ أَحَدُهُمَا مِنَ الْآخَرِ. وَعَلَى قَوْلِ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ يُقْسَمُ التِسْعُونَ لِلْبِنْتِ النِّصْفُ خَمْسَةٌ وَأَرْبَعُونَ دِينَارًا وَلِلْأُمِّ السُّدُسُ خَمْسَةَ عَشَرَ دِينَارًا، وَالْبَاقِي وَهُوَ ثَلَاثُونَ لِلْأَخِ، وَلَا شَيْءَ لِلْعَمِّ، ثُمَّ يُقْسَمُ الثَلَاثُونَ بَيْنَ الْبِنْتِ وَالْأُمِّ وَالْعَمِّ أَسْدَاسًا كَمَا تَقَدَّمَ، وَالصَّحِيحُ قَوْلُ الْعَامَّةِ؛ لِأَنَّهُ احْتَمَلَ مَوْتُهُمَا مَعًا وَاحْتَمَلَ تَقَدُّمَ أَحَدِهِمَا وَاحْتَمَلَ تَأَخُّرَهُ، فَوَقَعَ الشَّكُّ فِي اسْتِحْقَاقِهِ الْمِيرَاثَ وَاسْتِحْقَاقُ الْأَحْيَاءِ مُتَيَقَّنٌ فَلَا يُعَارِضُهُ الشَّكُّ، وَلِأَنَّ أَحَدَهُمَا إِنْ جُعِلَ حَيًّا حَتَّى وَرِثَ مِنَ الْآخَرِ كَيْفَ يُجْعَلُ مَيِّتًا حَتَّى يَرِثَهُ الْآخَرُ؟ وَإِنْ عُلِمَ مَوْتُ أَحَدِهِمَا أَوَّلًا وَلَا يُدْرَى أَيُّهُمْ هُوَ أُعْطَى كُلُّ وَاحِدٍ الْيَقِينَ وَوَقَفَ الْمَشْكُوكُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ أَوْ يَصْطَلِحُوا.

<<  <  ج: ص:  >  >>