للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الكلام على الفأرة، أن الهرة خلقت من عطسة الأسد. روى الإمام أحمد والبزار ورجال الإمام أحمد ثقات، من حديث «١» أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يشرب قائما فقال صلى الله عليه وسلم: «قه أيسرّك أن يشرب معك الهر» قال: لا. قال: «فقد شرب معك الشيطان» . وفي تاريخ ابن النجار، في ترجمة محمد بن عمر الحنبلي، عن أنس رضي الله تعالى عنه، قال: كنت جالسا عند عائشة رضي الله تعالى عنها أبشرها بالبراءة، فقالت: والله لقد هجرني القريب والبعيد، حتى هجرتني الهرة، وما عرض علي طعام ولا شراب، فكنت أرقد وأنا جائعة، فرأيت الليلة في منامي فتى فقال: ما لك حزينة؟ فقلت: مما ذكر الناس. فقال: ادعي بهذه الكلمات يفرج عنك. فقلت: وما هي؟ فقال: قولي: دعاء الفرج يا سابغ النعم، ويا دافع النقم، ويا فارج الغمم، ويا كاشف الظلم، ويا أعدل من حكم، ويا حسيب من ظلم، ويا ولي من ظلم، ويا أول بلا بداية، ويا آخر بلا نهاية، ويا من له اسم بلا كنية، أجعل لي من أمري فرجا ومخرجا.

قالت: فانتبهت وأنا ريانة شبعانة، وقد أنزل الله براءتي وجاءني الفرج. وفي الحديث «٢» الصحيح، عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه قال: إن الشيطان عرض للنبي صلى الله عليه وسلم في صلاته، قال عبد الرزاق: في صورة هر، قال صلى الله عليه وسلم: «فشد علي يقطع علي صلاتي، فأمكنني الله منه فذعته أي خنقته ولقد هممت أن أوثقه في سارية من سواري المسجد حتى تصبحوا تنظرون إليه. فذكرت قول أخي سليمان: رب أغفر لي وهب لي ملكا لا ينبغي لأحد من بعدي فرده الله خاسئا» .

وروى ابن أبي خيثمة، عن ميمونة بنت سعيد، مولاة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في الاستيعاب، عن سليمان الفارسي، خادم رسول الله صلى الله عليه وسلم أن النبي صلى الله عليه وسلم أوصى بالهر، وقال: «إنّ امرأة عذبت في هرة ربطتها» «٣» الحديث، وهو في الصحيحين.

وفي الزهد للإمام أحمد: رأيتها في النار وهي تنهش قبلها ودبرها. والمرأة المعذبة كانت كافرة، كما رواه البزار في مسنده، والحافظ أبو نعيم في تاريخ أصبهان، ورواه البيهقي في البعث والنشور، عن عائشة رضي الله تعالى عنها، فاستحقت التعذيب بكفرها وظلمها.

وقال القاضي عياض في شرح مسلم: يحتمل أن تكون كافرة. ونفى النووي هذا الاحتمال، وكأنهما لم يطلعا على نقل في ذلك.

وفي مسند أبي داود الطيالسي، من حديث الشعبي، عن علقمة قال: كنا عند عائشة رضي الله تعالى عنها، ومعنا أبو هريرة، فقالت: يا أبا هريرة أنت الذي تحدث «٤» عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أن امرأة عذبت بالنار من أجل هرة؟ قال أبو هريرة: نعم سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم. فقالت عائشة: المؤمن أكرم على الله من أن يعذبه من أجل هرة، إنما كانت المرأة مع ذلك كافرة يا أبا هريرة، إذا حدثت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فانظر كيف تحدث. وقد تقدم في الفرس، ما أنكرته عائشة على أبي هريرة.

<<  <  ج: ص:  >  >>