للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

«أتيت بالبراق فركبت خلف جبريل «١» » . إلى أن قال: تفرد به أبو حمزة ميمون الأعور، وقد اختلفوا فيه، وفيه في ذكر مناقب فاطمة الزهراء رضي الله عنها عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «تبعث الأنبياء عليهم السلام يوم القيامة على الدواب ليوافوا بالمؤمنين من قومهم المحشر، ويبعث صالح على ناقته، وأبعث على البراق خطوها عند أقصى طرفها، وتبعث فاطمة أمامي» وقال أبو القاسم إسماعيل بن محمد الأصفهاني، في كتاب الحجة إلى بيان المحجة: إن قيل لم عرج البراق به صلى الله عليه وسلم إلى السماء ولم ينزل عند منصرفه عليه؟ فالجواب أنه عرج به عليه إظهارا لكرامته، ولم ينزل عليه إظهارا لقدرة الله تعالى. وقيل: دل بالصعود على النزول به عليه كقوله «٢» تعالى:

سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ

يعني: والبرد وكقوله: بيده الخير أي والشر. وقال حذيفة: ما زايل ظهر البراق حتى رجع.

ثم إن البراق يوم القيامة يركبه النبي صلى الله عليه وسلم دون سائر الأنبياء يدل لذلك ما رواه الحاكم قريبا وما رواه أبو الربيع بن سبع السبتي في شفاء الصدور عن سويد بن عمرو أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «حوضي أشرب منه يوم القيامة أنا ومن استسقاني من الأنبياء عليهم السلام، ويبعث الله تعالى لصالح ناقته يحلبها ويشرب هو والذين آمنوا معه، ثم يركبها حتى يوافي بها الموقف ولها رغاء» فقال له رجل يا رسول الله وأنت يومئذ على العضباء؟ قال صلى الله عليه وسلم: «تلك تحشر عليها ابنتي فاطمة، وأنا أحشر على البراق، أخص به دون الأنبياء عليهم الصلاة والسلام» .

واختلف الناس في تاريخ الإسراء، فقال ابن الاثير: الصحيح عندي إنه كان ليلة الإثنين لسبع وعشرين من شهر ربيع الأول قبل الهجرة بسنة، وبهذا جزم شيخ الإسلام محي الدين النووي في شرح مسلم وجزم في فتاويه في كتاب الصلاة بأنه كان في شهر ربيع الآخر. وفي سير الروضة أنه كان في رجب وإنما كان ليلا لتظهر الخصوصية بين جليس الملك نهار أو جليسه ليلا.

قال أهل التاريخ: ولد النبي صلى الله عليه وسلم عام الفيل، وأقام في بني سعد خمس سنين ثم توفيت أمه بالأبواء، وهو ابن ست سنين، وكفله جده عبد المطلب. ثم توفي وهو ابن ثمان سنين فكفله عمه أبو طالب، وخرج معه إلى الشام وهو ابن اثنتي عشرة سنة، ثم خرج صلى الله عليه وسلم في تجارة لخديجة وهو ابن خمس وعشرين سنة، وتزوجها في تلك السنة وبنت قريش الكعبة، ورضيت بحكمه فيها وهو ابن خمس وثلاثين سنة وبعث صلى الله عليه وسلم وهو ابن أربعين سنة. وتوفي أبو طالب وهو ابن تسع وأربعين سنة وثمانية أشهر وأحد عشر يوما. وتوفيت خديجة رضي الله تعالى عنها بعد أبي طالب بثلاثة أيام، ثم خرج صلى الله عليه وسلم إلى الطائف ومعه زيد بن حارثة رضي الله عنه بعد ثلاثة أشهر من موت خديجة رضي الله عنها، فأقام به شهرا ثم رجع إلى مكة في جوار المطعم بن عدي. فلما أتت له خمسون سنة قدم عليه جن نصيبين «٣» فأسلموا. فلما أتت له إحدى وخمسون سنة وتسعة أشهر أسرى به صلى الله عليه وسلم.

<<  <  ج: ص:  >  >>