للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بين كتفيه، فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عنه؟ فقال: «هل رأيته» ؟ قلت نعم. قال «١» : «ذاك جبريل أمرني أن أمضي إلى بني قريظة» . وقال في الكامل، في حوادث سنة خمس عشرة. لما افتتح عمر رضي الله تعالى عنه بيت المقدس، وقدم إلى الشام أربع مرات: الأولى على فرس، والثانية على بعير، والثالثة رجع لأجل الطاعون، والرابعة على حمار، وكتب إلى امراء الأجناد أن يوافوه بالجابية «٢» ، فركب فرسه فرأى به عرجا فنزل عنه، وأتى ببزدون فركبه، فجعل يتجلجل به أي يزهو في مشيته، فنزل عنه وصرف عنه وجهه، وقال: لا علّم الله من علّمك هذه الخيلاء. ثم ركب ناقته ولم يركب برذونا بعده ولا قبله أبدا.

وكان عمر رضي الله تعالى عنه لما أراد الخروج إلى الشام، استخلف على المدينة علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، فقال له علي: أنت تخرج بنفسك إلى هذا العدوّ الكلب؟ فقال عمر رضي الله تعالى عنه: أبادر بالجهاد قبل موت العباس رضي الله تعالى عنه، إنكم إذا فقدتم العباس رضي الله تعالى عنه انتقض بكم الشر، كما ينتقض الحبل، فمات العباس رضي الله تعالى عنه لست سنين من خلافة عثمان رضي الله تعالى عنه وانتقض بالناس الشر كما قال عمر رضي الله تعالى عنه.

وفي وفيات الأعيان في ترجمة «٣» أبي الهذيل محمد بن الهذيل العلاف البصري شيخ البصريين في الاعتزال، قال: خرجت من البصرة على برذون أريد المأمون ببغداد، فسرت إلى دير هرقل، فإذا رجل مشدود في حائط الدير، فسلمت عليه فرد علي السلام، وحملق إلي وقال: أمعتزلي أنت؟

قلت: نعم. قال: وأمامي أنت؟ قلت: نعم. قال: أنت إذن أبو الهذيل العلاف! قلت: أنا ذاك. قال: فهل للنوم لذة؟ قلت: نعم. قال: ومتى يجدها صاحبها؟ فقلت لقلبي: إن قلت مع النوم أخطأت، فإنه ذاهب العقل، وإن قلت قبل النوم أخطأت أيضا، لأنك أحلت على عدم، وإن قلت بعد النوم غلطت، لأنه شيء قد انقضى، قال: فتحير فهمي، وجال في الخاطر وهمي، وقلت له: قل أنت حتى أسمع منك وأنقل عنك؟ فقال: بشرط أن تسأل امرأة صاحب هذا الدير أن لا تضر بني يومي هذا. فسألتها فاجابت. فقال: إعلم أن النعاس داء يحل بالبدن ودواؤه النوم. فاستحسنت ذلك منه، وهممت بالإنصراف، فقال: يا أبا الهذيل قف وإسمع مسألة عظمى، قال: ما تقول في رسول الله صلى الله عليه وسلم أمين هو في السماء والأرض؟ قلت: نعم. قال: أتحب أن يكون الخلاف في أمته أم الوفاق؟ قلت: بل الوفاق والاتفاق: فقال: قال تعالى «٤» : وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ

فما باله صلى الله عليه وسلم حين مرض مرض موته ما قال: هذا خليفتكم من بعدي؟ وقد نص صلى الله عليه وسلم على الوصية وحث عليها وحرض. قال أبو الهذيل: فلم أحر جوابا. وسألته الجواب فتنكرت حاله، فقتلت عنان برنوني وانصرفت عنه. فوصلت إلى المأمون فاستخبرني عن طريقي،

<<  <  ج: ص:  >  >>