للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الزبير. فقالت: واثكل أسماء ومر بي الأشتر فعرفته فاقتتلنا فو الله ما ضربته ضربة إلا ضربني بها ستا أو سبعا فجعلت أنادي:

اقتلوني ومالكا ... واقتلوا مالكا معي

وضاع الخطام مني ثم أخذ مالك برجلي فرماني في الخندق، وقال: لولا قرابتك من رسول الله صلى الله عليه وسلم ما اجتمع منك عضو إلى عضو أبدا. وفي رواية فجاء أناس منا ومنهم، وتقاتلوا حتى تحاجزنا، وضاع مني الخطام وسمعت عليا رضي الله عنه يقول: اعقروا الجمل، فإنه إن عقر تفرقوا فضربه رجل فسقط. فما سمعت قط أشد من عجيج الجمل، ثم أمر علي بحمل الهودج من بين القتلى، فاحتمله محمد بن أبي بكر وعمار بن ياسر، فأدخل محمد بن أبي بكر يده في الهودج.

فقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: من هذا الذي يتعرض لحرم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ أحرقه الله بالنار! فقال: يا أختاه قولي بنار الدنيا فقالت: بنار الدنيا. وقتل طلحة رضي الله تعالى عنه في الوقعة، وكان من حزب عائشة. ورجع الزبير فقتله عمرو بن جرموز بوادي السباع وهو نائم، وعاد بسيفه إلى علي، فلما رآه قال: إنه لسيف طالما جلا الكرب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم. وأحيط بعائشة ودخل علي البصرة فبايعه أهلها، وأطلق عثمان بن حنيف وجهز عائشة وأخرج أخاها محمدا معها وشيعها علي بنفسه أميالا وسرح بنيه معها يوما وقيل: إن عدة المقتولين من أصحاب الجمل ثمانية آلاف وقيل سبعة عشر ألفا. ومن أصحاب علي نحو ألف وقطع علي خطام الجمل يومئذ نحو ثمانين كفا معظمهم من بني ضبة كلما قطعت يد رجل أخذ الخطام آخر وفي ذلك يقول الضبي «١» :

نحن بني ضبة أصحاب الجمل ... ننازل الموت إذا الموت نزل

والموت أحلى عندنا من العسل «٢»

وكانوا قد ألبسوه الأدراع إلى أن عقر. ونصب نبي، عند النحويين على المدح والتخصيص، وكانت وقعة الجمل يوم الخميس العاشر من جمادى الأولى أو الآخرة وقيل في خامس عشرة سنة ست وثلاثين من ارتفاع الشمس إلى قريب العصر. ويروى أن عائشة أعطت الذي بشرها بسلامة ابن الزبير لما لاقى الأشتر عشرة آلاف درهم.

وذكر: ابن خلكان وغيره أن الأشتر دخل على عائشة رضي الله تعالى عنها، بعد وقعة الجمل، فقالت له: يا أشتر أنت الذي أردت قتل ابن أختي يوم الجمل؟ فأنشدها:

أعائش لولا أنني كنت طاويا ... ثلاثا لألفيت ابن أختك هالكا

غداة ينادي والرماح تنوشه ... بآخر صوت اقتلوني ومالكا

فنجاه مني أكله وشبابه ... وخلوة جوف لم يكن متماسكا

ونقل أنه كان في رأس ابن الزبير رضي الله عنه ضربة عظيمة من الأشتر لو صب فيها قارورة دهن لاستقر. وروى الحاكم من حديث قيس بن أبي حازم وابن أبي شيبة، من حديث ابن

<<  <  ج: ص:  >  >>