للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يقول: سمعت الشيخ عز الدين بن عبد السلام يقول: وقد سئل عن ابن عربي فقال: شيخ سوء كذاب. فقيل له: وكذاب أيضا؟ قال: نعم. تذاكرنا يوما نكاح الجن، فقال: الجن روح لطيف والإنس جسم كثيف فكيف يجتمعان؟ ثم غاب عنا مدة وجاء في رأسه شجة، فقيل له في ذلك، فقال: تزوجت امرأة من الجن فحصل بيني وبينها شيء فشجتني هذه الشجة! قال الشيخ الذهبي بعد ذلك: وما أظن ابن عربي تعمد هذه الكذبة وإنما هي من خرافات الرياضة.

[فرع:]

روى أبو عبيدة في كتاب الأموال والبيهقي عن الزهري عن النبي صلى الله عليه وسلم، أنه «نهى عن ذبائح الجن» . قال: وذبائح الجن أن يشتري الرجل الدار، أو يستخرج العين أو ما أشبه ذلك، فيذبح لها ذبيحة للطيرة. وكانوا في الجاهلية يقولون إذا فعل ذلك: لم يضر أهلها الجن فأبطل صلى الله عليه وسلم ذلك ونهى عنه.

[تتمة:]

في كتاب مناقب الشيخ عبد القادر الكيلاني «١» قدس الله سره، أنه جاءه بعض أهل بغداد، وذكر أن له بنتا اختطفت من سطح داره، وهي بكر. فقال له الشيخ: اذهب هذه الليلة إلى خراب الكرخ، واجلس عند التل الخامس وخط عليك دائرة في الأرض، وقل وأنت تخطها:

بسم الله على نية عبد القادر، فإذا كانت فحمة العشاء، مرت بك طوائف من الجن، على صور شتى، فلا يروعك منظرهم، فإذا كان السحر مر بك ملكهم في محفل منهم، فيسألك عن حاجتك فقل: قد بعثني إليك عبد القادر واذكر له شأن ابنتك. قال: فذهبت وفعلت ما أمرني به الشيخ فمر بي صور مزعجة المنظر ولم يقدر أحد منهم على الدنو من الدائرة التي أنا فيها، وما زالوا يمرون زمرا زمرا إلى أن جاء ملكهم، راكبا فرسا، وبين يديه أمم منهم، فوقف بازاء الدائرة وقال:

يا انسي ما حاجتك؟ قلت: قد بعثني إليك الشيخ عبد القادر، فنزل عن فرسه وقبل الأرض وجلس خارج الدائرة، وجلس من معه ثم قال لي: ما شأنك؟ فذكرت له قصة ابنتي، فقال لمن حوله: علي بمن فعل هذا فأتى بمارد ومعه ابنتي. فقيل له: إن هذا مارد من مردة الصين، فقال له:

ما حملك على أن اختطفت من تحت ركاب القطب؟ فقال: إنها وقعت في نفسي، فأمر به فضربت عنقه، وأعطاني ابنتي فقلت: ما رأيت كالليلة في امتثالك أمر الشيخ عبد القادر! قال: نعم. إنه لينظر من داره إلى مردة الجن وهم بأقصى الأرض فينفرون من هيبته وأن الله تعالى إذا أقام قطبا مكنه من الجن والإنس. وروي عن أبي القاسم الجنيد أنه قال: سمعت سريا السقطي رحمه الله، يقول: كنت يوما مارا في البادية، فآواني الليل إلى جبل لا أنيس فيه، فبينا أنا في جوف الليل ناداني مناد فقال: لا تدور القلوب في الغيوب حتى تذوب النفوس من مخافة فوت المحبوب.

فعجبت وقلت: أجني ينادي أم إنسي؟ فقال: بل جني مؤمن بالله سبحانه، ومع إخواني، فقلت:

وهل عندهم ما عندك؟ قال: نعم وزيادة. قال فناداني الثاني منهم، فقال: لا تذهب من البدن الفترة إلا بدوام الفكرة. قال: فقلت في نفسي: ما أنفع كلام هؤلاء؟ فناداني الثالث فقال: من أنس به في الظلام نشرت له غدا الأعلام. قال فصعقت. فلما أفقت إذا أنا بنرجسة على صدري

<<  <  ج: ص:  >  >>