للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

[فائدة:]

روى البيهقي، في دلائل النبوة، بسنده إلى أبي سبرة النخعي، قال: أقبل رجل من اليمن، فلما كان في أثناء الطريق نفق حماره فقام فتوضأ. ثم صلّى ركعتين، ثم قال: اللهم إني جئت مجاهدا في سبيلك ابتغاء مرضاتك، وأنا أشهد أنك تحيي الموتى وتبعث من في القبور، لا تجعل لأحد علي اليوم منة. أسألك أن تبعث لي حماري، فقام الحمار ينفض أذنيه. قال البيهقي:

هذا إسناد صحيح. ومثل هذا يكون معجزة لصاحب الشريعة، حيث يكون في أمته من يحيي الله له الموتى كما سبق. ويأتي والرجل المذكور اسمه نباتة بن يزيد النخعي. قال الشعبي: أنا رأيت ذلك الحمار يباع بعد ذلك في السوق، فقيل للرجل: أتبيع حمارا قد أحياه الله لك؟ قال: فكيف أصنع؟ فقال رجل من رهطه ثلاثة أبيات حفظت منها هذا البيت:

ومنا الذي أحيا الإله حماره ... وقد مات منه كل عضو ومفصل

[فائدة أخرى:]

قوله تعالى: وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ رَبِّ أَرِنِي كَيْفَ تُحْيِ الْمَوْتى

«١» قال الحسن وقتادة وعطاء الخراساني والضحاك وابن جريج رحمهم الله تعالى: كان سبب هذا السؤال من إبراهيم صلى الله عليه وسلم، أنه مر على دابة ميتة، قال ابن جريح: كانت جيفة حمار بساحل البحر قال عطاء:

بحيرة طبرية، قالوا: فرآها وقد توزعتها دواب البحر والبر، وكان البحر إذا مد جاءت الحيتان ودواب البحر، فأكلت منها فما وقع منها يصير في البحر، وإذا جزر جاءت السباع فأكلت منها فما وقع منها يصير ترابا، فإذا ذهبت السباع جاءت الطير فأكلت منها، فما سقط منها قطعته الرياح في الهواء. فلما رأى إبراهيم ذلك تعجب منها، وقال: يا رب قد علمت لتجمعها من بطون السباع، وحواصل الطير، وأجواف دواب البحر، فأرني كيف تحييها لأعاين ذلك فازداد يقينا، فعاتبه الله على ذلك، فقال: أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى

يا رب قد علمت وآمنت وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي

«٢» أي يسكن إلى المعاينة والمشاهدة فإبراهيم صلى الله عليه وسلم كان يعلم يقينا أن الله يحيي الموتى، ولكنه أراد أن يصير له علم اليقين، لأن الخبر ليس كالمعاينة وما أحسن قول بعضهم:

لئن كلمت بالتفريق قلبي ... فأنت بخاطري أبدا مقيم

ولكن للعيان لطيف معنى ... له سأل المعاينة الكليم

وقيل: كان سبب هذا السؤال من إبراهيم أنه لما احتج على نمروذ فقال: رَبِّيَ الَّذِي يُحْيِي وَيُمِيتُ

«٣» فقال نمروذ أنا أحيي وأميت فقتل رجلا وأطلق آخر، فجعل ترك القتل إحياء. فقال إبراهيم: إن الله يقصد إلى جسد ميت فيحييه، فقال له نمروذ: أنت عاينته فلم يقدر أن يقول نعم. فانتقل إلى حجة أخرى، ثم سأل ربه أن يريه إحياء الموتى. قال: أَوَلَمْ تُؤْمِنْ قالَ بَلى وَلكِنْ لِيَطْمَئِنَّ قَلْبِي

بقوة حجتي، وإذا قيل لي: أنت عاينته؟ أقول: نعم قد عاينته. وقال سعيد بن جبير: لما اتخذ الله إبراهيم خليلا سأل ملك الموت ربه أن يأذن له فيبشر إبراهيم بذلك، فأذن له فأتى إبراهيم فلم يكن في الدار، فدخل داره وكان إبراهيم من أغير الناس، إذا خرج أغلق بابه. فلما جاء وجد في داره رجلا فثار عليه إبراهيم ليأخذه، فقال له: من أنت؟ ومن أذن

<<  <  ج: ص:  >  >>