للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يمامة، وهو ضروب. والفرق بين الحمام الذي عندنا واليمام، أن أسفل ذنب الحمامة، مما يلي ظهرها فيه بياض، وأسفل ذنب اليمامة لا بياض فيه انتهى. ونقل النووي في التحرير عن الأصمعي أن كل ذات طوق فهي حمام. والمراد بالطوق الحمرة أو الخضرة أو السواد المحيط بعنق الحمامة في طوقها. وكان الكسائي يقول: الحمام هو البري، واليمام الذي يألف البيوت والصواب ما قاله الأصمعي. ونقل الأزهري عن الشافعي أن الحمام كل ما عب وهدر، وإن تفرقت أسماؤه والعب بالعين المهملة شدة جرع الماء من غير تنفس. قال ابن سيده: يقال في الطائر عبّ ولا يقال شرب. والهدير ترجيع الصوت ومواصلته من غير تقطيع له. قال الرافعي والأشبه أن ما عب هدر. قال: فلو اقتصروا في تفسير الحمام على العب لكفاهم، ويدل عليه أن الإمام الشافعي قال في عيون المسائل: وما عب من الماء عبا فهو حمام وما شرب قطرة قطرة كالدجاج فليس بحمام اهـ. وفيما قاله الرافعي نظر لأنه لا يلزم من العب الهدير قال الشاعر:

على جو يضي نغر مكب ... إذا افترت فترة يعب

وحمرات شربهن غب

وصف النغر بالعب، مع أنه لا يهدر، وإلا كان حماما والنغر نوع من العصفور، وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى في باب النون، إذا علمت ذلك انتظم لك كلام الشافعي، وأهل اللغة أن الحمام يقع على الذي يألف البيوت ويستفرخ فيها، وعلى اليمام والقمري وساق حر وهو ذكر القمري، كما سيأتي إن شاء الله تعالى في باب السين. والفواخت والدبسي والقطار والوارشين واليعاقب والشفنين والزاغ والورداني والطوراني. وسيأتي بيان ذلك كل واحد في بابه إن شاء الله تعالى. والكلام الآن في الحمام الذي يألف البيوت، وهو قسمان: أحدهما البري وهو الذي يلازم البروج وما أشبه ذلك، وهو كثير النفور، وسمي بريا لذلك والثاني الأهلي وهو أنواع مختلفة وأشكال متباينة، منها الرواعب والمراعيش والعداد والسداد والمضرب والقلاب والمنسوب. وهو بالنسبة إلى ما تقدم كالعتاق من الخيل وتلك البراذين، قال الجاحظ: الفقيع من الحمام، كالصقلاب من الناس، وهو الأبيض. روى أبو داود الطبراني وابن ماجه وابن حبان بإسناد جيد عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم رأى رجلا يتبع حمامة، فقال: «شيطان يتبع شيطانة» «١» وفي رواية «شيطان يتبعه شيطان» قال البيهقي: وحمله بعض أهل العلم على إدمان صاحب الحمام على إطارته والاشتغال به، وارتقاء الأسطحة التي يشرف منها على بيوت الجيران وحرمهم لأجله. وسيأتي الكلام عليه في الأحكام. وروى البيهقي عن أسامة بن زيد رضي الله تعالى عنهما، قال: شهدت عمر بن عبد العزيز رحمه الله يأمر بالحمام الطيار، فتذبح وتترك المقصصات. وروى ابن قانع والطبراني عن حبيب بن عبد الله بن أبي كبشة، عن أبيه، عن جده، أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان يعجبه النظر إلى الأترج والحمام الأحمر» . وروى الحاكم، في تاريخ نيسابور، عن عائشة رضي الله عنها قالت: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يعجبه النظر إلى الخضرة وإلى الأترج وإلى الحمام

<<  <  ج: ص:  >  >>