للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

منهما يألف البيوت ويأنس بالناس، والثاني: وهو الأصح، أن مستنده توقيف بلغهم فيه. ونقل الرافعي عن الشيخ أبي محمد الخلاف، فيما لو قتل طائرا أكبر من الحمام، أو مثله هلى ينبني على هذا؟ إن قلنا المستند التوقيف أوجبنا الشاة. وإن قلنا المستند المشابهة أوجبنا القيمة. وقد أسقط الإمام النووي. رحمه الله، هذه المسألة من الروضة، وكأنه ظن أن الخلاف فيها لفظي لا فائدة فيه. وبيض الحمام وكل طائر يحرم على المحرم، صيده حرام عليه فإن أتلفه ضمنه بقيمته، هذا مذهبنا وبه قال الإمام أحمد وآخرون. وقال المزني وبعض أصحاب داود: لا جزاء في البيض. وقال مالك: يضمنه بعشر ثمن أصله. قال ابن المنذر: واختلفوا في بيض الحمام، فقال علي وعطاء: في كل بيضتين درهم، وقال الزهري والشافعي وأصحاب الرأي وأبو ثور: فيه قيمته وسيأتي في بيض النعام حكمه إن شاء الله تعالى. ومن أحكامه في الصيد أنه إذا اختلطت حمامة مملوكة أو حمامات بحمامات مباحة محصورة لم يجز الإصطياد منها. ولو اختلطت بحمام ناحية جاز الإصطياد في الناحية. ولو اختلط حمام أبراج مملوكة لا تكاد تحصر بحمام بلدة أخرى مباحة ففي جواز الاصطياد منها وجهان: أصحهما الجواز. وبيع الحمام في البرج على تفصيل بيع السمك في البركة. وسيأتي في باب السين المهملة إن شاء الله تعالى لو باعها وهي طائرة اعتمادا على عادة عودها فوجهان:

أصحهما عند الإمام الجواز كالعبد المبعوث في شغل وعند الجمهور المنع إذ لا وثوق بعودها لعدم عقلها. ومن أحكامه في الربا أنه جنس واحد بجميع أنواعه. كذا قاله المراوزة «١» . وقال العراقيون: إن كل نوع منه جنس واحد بجميع جنس، والقماري جنس، والفواخت جنس. وأما اتخاذه للبيض والفارخ وللأنس وحمل الكتب فجائز بلا كراهة. وأما اللعب به والتطير والمسابعة، فقيل:

يجوز لأنه لا يحتاج إليها في الحرب لنقل الأخبار والأصح كراهته، لما تقدم في حديث أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، الذي قال فيه: «شيطان يتبع شيطانة» «٢» . قال ابن حبان بعد رواية هذا الحديث: إنما قال له شيطان، لأن اللاعب بالحمام، لا يكاد يخلو من لغو وعصيان، والعاصي يقال له شيطان قال الله تعالى شياطين الإنس والجن، وأطلق على الحمامة شيطانة للمجاورة، ولا ترد الشهادة بمجرد اللعب بالحمام، خلافا لمالك وأبي حنيفة فإن انضم إليه قمار أو نحوه ردت به الشهادة.

وروى أبو محمد الرامهرمزي في كتابه «المحدث الفاضل بين الراوي والواعي» عن مصعب الزبيري، قال: سمعت مالك بن أنس رضي الله تعالى عنه وقد قال لابني أخته أبي بكر محمد وإسماعيل ابني أبي أويس. أراكما تحبان هذا الشأن وتطلبانه، يعني الحديث، قالا: نعم. قال:

فإن أحببتما أن تنتفعا، وينفع الله بكما فأقلا منه وفقها. ونزل ابن مالك من فوق سطح، ومعه حمام قد غطاه، فعلم مالك أنه قد فهمه الناس فقال مالك: الأدب أدب الله لا أدب الآباء والأمهات، والخير خير الله لا خير الآباء والأمهات. وروي عنه أيضا، أنه قال: كان يحيى بن مالك بن أنس، يدخل ويخرج ولا يجلس معنا عند أبيه، فكان إذا نظر إليه أبوه قال: هاه إن ما تطيب به نفسي أن

<<  <  ج: ص:  >  >>