للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

عباد الله وأخذ عليه طعما، واشترى به ثمنا قليلا، فذاك يأتي يوم القيامة ملجما بلجام من نار، وينادي مناد على رؤوس الأشهاد هذا فلان ابن فلان، آتاه الله علما في الدنيا فضن به على عباد الله، وأخذ عليه طعما واشترى به ثمنا قليلا، ثم يعذب حتى يفرغ من الحساب ويكفي الحوت شرفا أنه كان وعاء ومسكنا لنبي الله يونس عليه الصلاة والسلام، وذلك أن الله تعالى أوحى إليه إني لم أجعل لك يونس رزقا، وإنما جعلت بطنك له حرزا وسجنا، ثم استنقذه الله تعالى من بطنه، واختلف في مدة لبثه في بطن الحوت فقال مقاتل بن حيان: ثلاثة أيام، وقال عطاء: سبعة أيام، وقال الضحاك: عشرين يوما، وقال السدي والكلبي ومقاتل بن سليمان: أربعين يوما، وقال الشعبي التقمه ضحى ولفظه عشية. وأما قوله «١» تعالى: وَأَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ

فالمراد باليقطين هنا القرع على قول جميع المفسرين. فكل نبت يمتد وينبسط على وجه الأرض، ليس له ساق ولا يبقى على الشتاء نحو القرع والقثاء والبطيخ فهو يقطين.

[فائدة:]

سئل إمام الحرمين هل الباري تعالى في جهة؟ فقال: هو متعال عن ذلك. فقيل له: ما الدليل على ذلك؟ فقال: قوله صلى الله عليه وسلم: «لا تفضلوني على يونس بن متى» . «٢» فقيل له:

ما وجه ذلك؟ فقال: لا أقول حتى يأخذ ضيفي هذا ألف دينار يقضي بها دينه. فقام بها رجلان، فقال: إن يونس بن متى رمى نفسه في البحر فالتقمه الحوت وصار في قعر البحر في ظلمات ثلاث ونادى أَنْ لا إِلهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ

«٣» ولم يكن النبي صلى الله عليه وسلم حين جلس على الرفرف الأخضر، وانتهى إلى أن سمع صريف الأقلام وناجاه ربه بما ناجاه، وأوحى إليه ما أوحى، بأقرب إلى الله تعالى من يونس بن متى في بطن الحوت في ظلمة البحر انتهى. وسيأتي في باب النون إن شاء الله تعالى جواب ابن عباس رضي الله عنهما عن رسالة ملك الروم، التي سأل فيها معاوية عن القبر الذي سار بصاحبه وروى الحاكم في المستدرك بإسناد فيه يزيد بن البلوي، عن أنس رضي الله تعالى عنه، قال: كنا مع النبي صلى الله عليه وسلم في سفر فنزلنا منزلا فإذا في الوادي رجل يقول: اللهم اجعلني من أمة محمد المرحومة، قال: فأشرفت عليه فإذا رجل طوله ثلاثمائة ذراع، فقال: من أنت؟ قلت: أنا أنس بن مالك خادم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: وأين هو؟ قلت: هو ذا يسمع منك كلامك. قال: فأته واقرئه مني السلام، وقل له: أخوك الياس يقرئك السلام. قال: فأتيت النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فجاء حتى عانقه وقعدا يتحدثان. فقال: يا رسول الله إني إنما آكل في السنة يوما واحدا، وهذا يوم فطري، فآكل أنا وأنت فنزلت عليهما مائدة من السماء عليها خبز وحوت وكرفس، فأكلا وأطعماني، وصليا العصر ثم ودعه ثم رأيته مر في السحاب نحو السماء. قال الحاكم صحيح الإسناد. قال شيخ الإسلام العلامة شمس الدين الذهبي رحمه الله في الميزان: أما استحيا الحاكم

<<  <  ج: ص:  >  >>