للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

على الماء، فلما جازا قال عيسى: أسألك بالذي أراك هذه الآية من أخذ الرغيف؟ قال: لا أدري.

فسارا حتى انتهيا إلى مفازة فجلسا، فأخذ عيسى ترابا ورملا وقال كن ذهبا بإذن الله فكان ذهبا، فقسمه عيسى ثلاثة أثلاث، ثم قال: ثلث لي وثلث لك وثلث للذي أخذ الرغيف. فقال الرجل: أنا أخذته قال عيسى: كله لك. ثم فارقه عيسى عليه السلام وذهب ومكث هو عند المال في المفازة، فانتهى إليه رجلان فأرادا أن يأخذاه منه ويقتلاه، فقال: هو بيننا أثلاثا ثم قال: فابعثا أحدكما إلى القرية ليشتري لنا طعاما فقال الذي بعث: لأي شيء اقاسمهما المال؟ لأجعلن لهما في الطعام سما فاقتلهما ففعل. وقال صاحباه في غيبته: لأي شيء نقاسمه المال؟ إذا جاء قتلناه واقتسمنا المال نصفين. فلما جاء قاما إليه وقتلاه، ثم أكلا الطعام فماتا وبقي المال في المفازة وأولئك الثلاثة قتلى حوله فمر عيسى عليه الصلاة والسلام بهم. وهم على تلك الحالة، فقال لأصحابه:

هكذا الدنيا تفعل بأهلها فاحذروها.

[الخضاري:]

طائر يسمى الأخيل قاله الجوهري. وقد تقدم في باب الهمزة.

[الخضرم:]

كعلبط ولد الضب.

[الخضيراء:]

طائر معروف عند العرب.

[الخطاف:]

بضم الخاء المعجمة جمعه خطاطيف ويسمى زوار الهند وهو من الطيور القواطع إلى الناس، تقطع البلاد البعيدة إليهم رغبة في القرب منهم ثم إنها تبني بيوتها في أبعد المواضع عن الوصول إليها، وهذا الطائر يعرف عند الناس بعصفور الجنة، لأنه زهد ما في أيديهم من الأقوات فأحبوه لأنه إنما يتقو بالذباب والبعوض. وفي الحديث الحسن، الذي رواه ابن ماجه وغيره، عن سهل بن سعد الساعدي، أنه قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال له دلني على عمل إذا عملته أحبني الله وأحبني الناس فقال: «ازهد في الدنيا يحبك الله، وازهد فيما في أيدي الناس يحبك الناس «١» » . فأما كون الزهد في الدنيا سببا لمحبة الله تعالى فلأنه تعالى يحب من أطاعه ويبغض من عصاه، وطاعة الله لا تجتمع مع محبة الدنيا، وأما كونه سببا لمحبة الناس فلأنهم يتهافتون على محبة الدنيا، وهي جيفة منتنة وهم كلابها، فمن زاحمهم عليها أبغضوه، ومن زهد فيها أحبوه كما قال «٢» الإمام الشافعي رضي الله تعالى عنه:

وما هي إلا جيفة مستحيلة ... عليها كلاب همهن اجتذابها

فإن تجتنبها كنت سلما لأهلها ... وإن تجتذبها نازعتك كلابها

وقد أحسن القائل في وصف الخطاف:

كن زاهدا فيما حوته يد الورى ... تضحي إلى كل الأنام حبيبا؟

أو ما ترى الخطاف حرم زادهم ... أضحى مقيما في البيوت ربيبا

سماه ربيبا لأنه يألف البيوت العامرة دون الخربة، وهو قريب من الناس ومن عجيب أمره أن عينه تقلع ثم ترجع ولا يزى واقفا على شيء يأكله أبدا ولا مجتمعا بأنثاه، والخفاش يعاديه فلذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>