للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وسليمان بن يسار وربيعة. وجعل أبو حنيفة وأحمد عوض بني اللبون بني المخاض. ويروى ذلك عن ابن مسعود رضي الله تعالى عنه. والدية في الخطأ وشبه العمد على العاقلة كما تقدم، وهو عصبات القاتل من الذكور، ولا يجب على الجاني منها شيء، لأن النبي صلى الله عليه وسلم أوجبها على العاقلة. فإن عدمت الإبل فتجب قيمتها من الدراهم والدنانير في قول. وفي قول يجب بدل مقدر منها وهو ألف دينار أو اثنا عشر ألف درهم. لما روي أن عمر رضي الله تعالى عنه فرض الدية على أهل الذهب ألف دينار، وعلى أهل الورق اثني عشر ألف درهم. وبه قال مالك وعروة بن الزبير والحسن البصري. وقال أبو حنيفة: إنها مائة من الإبل أو ألف دينار، أو عشرة آلاف درهم. وبه قال سفيان الثوري رضي الله تعالى عنه.

[فرع:]

ودية المرأة نصف دية الرجل. ودية أهل الذمة والعهد ثلث دية المسلم إن كان كتابيا، وإن كان مجوسيا فخمس الثلث. وروي عن عمر رضي الله تعالى عنه أنه قال: دية اليهودي والنصراني أربعة آلاف، ودية المجوسي ثمانمائة درهم. وبه قال ابن المسيب والحسن البصري رضي الله تعالى عنهما. وإليه ذهب الشافعي رضي الله تعالى عنه، وذهب جماعة من أهل العلم إلى أن دية الذمي والمعاهد مثل دية المسلم، وهو قول ابن مسعود وسفيان الثوري وأصحاب الرأي. وقال عمر بن عبد العزيز: دية الذمي نصف دية المسلم، وهو قول مالك وأحمد. وأما دية الأطراف فمبسوطة في كتب الفقه.

[تذنيب:]

قوله «١» تعالى: وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها

الآية. قال أهل التفسير: إنها نزلت في مقيس بن سبابة، وذلك أنه لما قتل أخوه هشام بن صبابة في بني النجار، ولم يعلموا له قاتلا، وأعطوه ديته مائة من الإبل ثم انصرف هو والفهري إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم راجعين نحو المدينة، فأتي الشيطان مقيسا ووسوس إليه فقال: تقبل دية أخيك فتكون عليك وصمة ومسبة، فاقتل الرجل الذي معك، فتكون نفس مكان نفس وفضل الدية، فغفل الفهري عن نفسه، فرماه مقيس بصخرة فشدخه. ثم ركب بعيرا من إبل الدية وساق باقيها ورجع إلى مكة كافرا فأنزل الله عز وجل فيه هذه الآية. ومقيس هذا هو الذي استثناه النبي صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة ممن أمنه، فقتل وهو متعلق بأستار الكعبة. وقد اختلف في حكم هذه الآية فروى البغوي وغيره عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما أنه قال: قاتل المؤمن عمدا لا توبة له. وقال زيد بن ثابت رضي الله تعالى عنه لما نزلت الآية التي في الفرقان وهي قوله «٢» تعالى: وَالَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ

عجبنا من لينها فلبثنا سبعة أشهر، ثم نزلت الغليظة فنسخت الغليظة اللينة، وأراد بالغليظة هذه الآية وباللينة آية الفرقان. وقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: آية الفرقان مكية وآية النساء مدنية، لم ينسخها شيء والذي عليه جمهور المفسرين، وهو مذهب أهل السنة قاطبة، أن توبة قاتل المسلم عمدا مقبولة لقوله «٣» تعالى: إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ*

وما روي عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما فهو تشديد ومبالغة في الزجر عن القتل. كما روي عن سفيان بن عيينة رضي الله تعالى عنه أنه قال: إن المؤمن إذا لم يقتل

<<  <  ج: ص:  >  >>