للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى المزدلفة، ثم أردف الفضل بن العباس رضي الله تعالى عنهما، من مزدلفة إلى منى، وأنه صلى الله عليه وسلم أردف معاذا رضي الله تعالى عنه على الرحل، وأردفه على حمار يقال له عفير وأمر صلى الله عليه وسلم عبد الرحمن ابن أبي بكر رضي الله تعالى عنهما، أن يعتمر بأخته عائشة رضي الله تعالى عنها من التنعيم، فأدرفها وراءه على راحلته، وأردف صلى الله عليه وسلم صفية أم المؤمنين رضي الله تعالى عنها وراءه، حين تزوجها بخيبر» وإذا أردف صاحب الدابة، فهو أحق بصدرها ويكون الرديف وراءه إلا أن يرضى صاحبها بتقديمه لجلالته أو غير ذلك. وأفاد الحافظ ابن منده أن الذين أردفهم النبي صلى الله عليه وسلم ثلاثة وثلاثون نفسا، ولم يذكر فيهم عقبة بن عامر الجهني رضي الله تعالى عنه، ولم يذكر أحد من علماء الحديث والسير أن النبي صلى الله عليه وسلم أردفه. وروى الطبراني عن جابر رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى أن يركب ثلاثة على دابة «١» » .

[فرع:]

قال أصحابنا ما ليس مأكولا من الدواب والطيور، إن كان فيه مضرة متمحضة، استحب قتله للمحرم وغيره كالفواسق الخمس والذئب والأسد والنمر والنسر والحدأة والبرغوث والقمل والزنبور والبق والقراد وأشباهها. فإن كان فيه منفعة ومضرة كالفهد والكلب المعلم والعقاب والبازي والصقر ونحوها فلا يستحب قتله لما فيه من المنفعة، ولا يكره لما فيه من الضرر، وهو الصيال على حمام الناس. والعقر وإن لم يكن فيه نفع ولا ضرر كالخنافسس والدود والجعلان والسرطان والبغاث والرخمة والعظاءة واللجا والذباب وأشباهها، فيكره قتله ولا يحرم، على ما قطع به الجمهور وحكى الإمام وجها شاذا أنه يحرم قتل الطيور دون الحشرات لأنه عبث بلا حاجة.

وأما دابة الأرض التي ذكرها الله تعالى في سورة سبأ. فهي الأرضة، وقيل سوسة الخشب قال الله تعالى: فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ تَأْكُلُ مِنْسَأَتَهُ

«٢» السبب في ذلك أن سليمان عليه السلام، كان قد أمر الجن ببناء صرح، فبنوه له، ودخله مختفيا ليصفو له يوم واحد من الدهر عن الكدر، فدخل عليه شاب فقال له: كيف دخلت من غير استئذان؟ فقال له إنما دخلت بإذن. قال: ومن أذن لك؟ قال: رب هذا الصرح! فعلم سليمان أنه ملك الموت، أتى ليقبض روحه. فقال: سبحان الله، هذا اليوم الذي طلبت فيه الصفاء.

فقال له: طلبت ما لم يخلق. فاستوثق من الاتكاء على العصا. وقد كانت بيت المقدس بقي من تمام بنائه سنة، فسأل الله تعالى تمامها على يد الإنس والجن. وكان يخلو بنفسه الشهرين والثلاثة فكانوا يقولون إنه يتحنث أي يعبد ربه، فقبض روحه، وكانت الجن تدعي علم الغيب، فلما قبض، بقيت الجن تعمل على عادتها، وقيل: إن ملك الموت أعلمه أنه بقي من عمره ساعة فدعا الجن فبنوا له الصرح، وقام يصلي متكئا على عصاه، فمات وهو متكىء عليها وكانت الشياطين تجتمع حول محرابه فلا ينظر أحد منهم إليه في صلاته إلا احترق، فمر واحد منهم فلم يسمع صوته، ثم رجع فسلم فلم يسمع له كلاما، فنظر فإذا هو قد خر ميتا، فعلمت الإنس أن الجن لو كانوا يعلمون الغيب ما لبثوا في العذاب المهين سنة. وكان عمره عليه السلام ثلاثا وخمسين سنة. والمنسأة العصا،

<<  <  ج: ص:  >  >>