للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباقلا إذا عتق في موضع استحال كله ذبابا، وطار من الكوى التي في ذلك الموضع ولا يبقى فيه غير القشر انتهى. روى الحاكم عن النعمان بن بشير رضي الله تعالى عنه أنه قال، وهو على المنبر:

سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: «ألا إنه لم يبق من الدنيا إلا مثل الذباب تمور في جوها، فالله الله في اخوانكم من أهل القبور، فإن أعمالكم تعرض عليهم» . ومعنى تمور تذهب وتجيء، والجوّ ما بين السماء والأرض. وفي مسند أبي يعلى الموصلي، من حديث أنس رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: «عمر الذباب أربعون ليلة، والذباب كله في النار، إلا النحل «١» . وهو في الكامل في ترجمة عمرو بن شقيق عن مجاهد عن ابن عمر رضي الله عنهما، أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:

«الذباب كله في النار إلا النحل. قيل كونه في النار ليس بعذاب له، وإنما ليعذب به أهل النار بوقوعه عليهم» «٢» . وروى النسائي والحاكم عن أبي المليح عن أبيه أسامة بن عمير بن عامر الأقيش الهذلي البصري قال: كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعثر بعيرنا فقلت: تعس الشيطان.

فقال صلى الله عليه وسلم: «لا تقل تعس الشيطان فإنه يعظم حتى يصير مثل البيت، ويقول: بقوتي، ولكن قل بسم الله فإنه يصغر حتى يصير مثل الذبابة» «٣» . ورواه أبو داود عن أبي المليح عن رجل قال:

كنت رديف رسول الله صلى الله عليه وسلم فعثرت دابته فقلت: الخ ورواه ابن السني كما رواه النسائي والحاكم، وصرح فيه بأن أبا المليح رواه عن أبيه أسامة بن مالك. وكلتا الروايتين صحيحة فإن الرجل المجهول في رواية أبي داود صحابي والصحابة كلهم عدول، لا تضر الجهالة بأعيانهم. وقال الإمام العلامة الذهبي: الرجل المجهول المبهم أبو عزة. ورواه خالد الحذاء عن أبي تميمة الهجيمي عن أبيه خالد قال: كنت رديفا للنبي صلى الله عليه وسلم، فعثرت الناقة، فقال إلى آخره. كذا هو في أسد الغاية، في ذكر المنسوبين إلى القبائل. وأما قوله: تعس، فقيل: معناه هلك، وقيل: سقط وقيل: عثر، وقيل لزمه الشر. وتعس بفتح العين وكسرها والفتح أشهر، ولم يذكر الجوهري غير الفتح. وروى الطبراني وابن أبي الدنيا، من حديث أبي أمامة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «وكل بالمؤمن مائة وستون ملكا يذبون عنه ما لم يقدر عليه، فمن ذلك سبعة أملاك يذبون عنه كما يذب عن قصعة العسل الذباب، في اليوم الصائف ولو بدوا لكم لرأيتموهم على كل سهل وجبل كل باسط يديه فاغرفاه، ولو وكل العبد إلى نفسه طرفة عين لاختطفته الشياطين» . والعرب تجعل الذباب والفراش والنحل والدبر ونحوها كلها واحدا كما تقدم. وجالينوس يقول: إنه ألوان فللإبل ذباب، وللبقر ذباب.

وأصله دود صغار يخرج من أبدانهن فيصير ذبابا وزنابير. وذباب الناس يتولد من الزبل ويكثر الذباب إذا هاجت ريح الجنوب ويخلق في تلك الساعة، وإذا هبت ريح الشمال خف وتلاشى.

وهو من ذوات الخراطيم كالبعوض. انتهى. ومن عجيب أمره أنه يلقي رجيعه على الأبيض أسود، وعلى الأسود أبيض، ولا يقع على شجرة اليقطين. ولذلك أنبتها الله على نبيه يونس عليه الصلاة والسلام، لأنه حين اخرج من بطن الحوت لو وقعت عليه ذبابة لآلمته فمنع الله عنه الذباب بذلك، فلم يزل كذلك حتى تصلب جسمه. ولا يظهر كثيرا إلا في الأماكن العفنة، ومبدأ خلقه

<<  <  ج: ص:  >  >>