للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

نفعت من الغشاوة، وظلمة البصر نفعا بليغا، وزبله يزيل الكلف والنمش طلاء.

[زمج الماء:]

وهو الطائر الذي يسمى بمصر النّورس وهو أبيض في حد الحمام أو أكبر، يعلو في الجو ثم يزج نفسه في الماء ويختلس منه السمك ولا يقع على الجيف ولا يأكل غير السمك.

[وحكمه]

: حل الأكل، لكن حكى الروياني عن الصيمري أن طير الماء الأبيض حرام، لخبث لحمه. قال الرافعي: والأصح أن جميع طير الماء حلال إلا اللقلق وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى في باب اللام.

[الزنبور:]

الدبر وهي تؤنث والزنابير لغة فيها وربما سميت النحلة زنبورا، والجمع الزنابير.

قال ابن خالويه، في كتاب ليس: ليس أحد سمعته يذكر كنية الزنبور إلا أبا عمر والزاهد فإنه قال: كنيته أبو علي وهو صنفان جبلي وسهلي: فالجبلي يأوي الجبال ويعشش في الشجر ولونه إلى السواد وبدء خلقه دود، ثم يصير كذلك، ويتخذ بيوتا من تراب كبيوت النحل، ويجعل لبيته أربعة أبواب لمهاب الرياح الأربع، وله حمة يلسع بها، وغذاؤه من الثمار والأزهار. ويتميز ذكورها من إناثها بكبر الجثة. والسهلي لونه أحمر ويتخذ عشه تحت الأرض، ويخرج منه التراب كما يفعل النمل ويختفي في الشتاء لأنه متى ظهر فيه هلك، فهو ينام من البرد طول الشتاء كالميتة ولا يدخر القوت للشتاء بخلاف النمل، فإذا جاء الربيع وقد صارت الزنابير من البرد وعدم القوت كالخشب اليابس، نفخ الله تعالى في تلك الجثث الحياة فتعيش مثل العام الأول، وذلك دأبها.

ومن هذا النوع صنف مختلف اللون مستطيل الجسد، في طبعه الحرص والشره، يطلب المطابخ ويأكل ما فيها من اللحوم، ويطير منفردا ويسكن بطن الأرض والجدران، وهذا الحيوان بأسره مقسوم من وسطه ولذلك لا يتنفس من جوفه البتة ومتى غمس في الدهن سكنت حركته، وإنما ذلك لضيق منافذه، فإذا طرح في الخل عاش وطار. قال الزمخشري في تفسير سورة الأعراف: قد يجعل المتوقع الذي لا بد منه بمنزلة الواقع. ومنه ما روي أن عبد الرحمن بن حسان بن ثابت الأنصاري دخل على أبيه وهو يبكي، وهو إذ ذاك طفل، فقال له: ما يبكيك؟ فقال: لسعني طائر كأنه ملتف في بردي حبرة فقال حسان: يا بني قلت الشعر ورب الكعبة! أي ستقوله. فجعل المتوقع كالواقع. وما أحسن قول الأول «١» :

وللزنبور والبازي جميعا ... لدى الطيران أجنحة وخفق

ولكن بين ما يصطاد باز ... وما يصطاده الزنبور فرق

وقد أجاد الشيخ زهير الدين بن عسكر «٢» قاضي السلامية بقوله:

في زخرف القول تزيين لباطله ... والحقّ قد يعتريه سوء تغيير «٣»

<<  <  ج: ص:  >  >>