للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثابت رضي الله تعالى عنه في عتيبة بن أبي لهب:

من يرجع العام إلى أهله ... فما أكيل السبع بالراجع

وقرأ ابن مسعود: وأكيلة السبع، وقرأ ابن عباس رضي تعالى عنهما: وأكيل السبع. قيل: سمي سبعا لأنه يمكث في بطن أمه سبعة أشهر، ولا تلد الأنثى أكثر من سبعة أولاد، ولا ينزو الذكر على الأنثى إلا بعد سبع سنين من عمره. قال أبو عبد الله ياقوت الحموي، في كتاب المشترك، وضعا في باب الغين المعجمة والباء الموحدة: الغابة موضع، بينه وبين المدينة أربعة أميال من ناحية الشام، له ذكر في غزوات النبي صلى الله عليه وسلم «وفدت إليه، فيه السباع تسأله أن يفرض لها ما تأكله» . وفي طبقات ابن سعد عن عبد الله بن حنطب قال: بينما النبي صلى الله عليه وسلم جالس بالمدينة، إذ أقبل ذئب، فوقف بين يديه وعوى، فقال صلى الله عليه وسلم: «هذا وافد السباع إليكم، فإن أحببتم أن تفرضوا له شيئا لا يعدوه إلى غيره، وإن أحببتم تركتموه وتحرزتم منه، فما أخذ فهو رزقه» . فقالوا: يا رسول الله ما تطيب أنفسنا بشيء، فأومأ إليه بأصابعه الثلاث أي خالسهم فولى. وقد تقدم في باب الذال المعجمة في لفظ الذئب طرف من ذلك.

ووادي السباع بطريق الرقة مر به وائل بن قاسط على أسماء بنت رويم، فهم بها حين رآها منفردة في الخباء فقالت: والله لئن هممت بي لأدعون أسبعي! فقال: ما أرى في الوادي سواك! فصاحت ببنيها يا كلب يا ذئب يا فهد يا دب يا سرحان يا أسد يا سبع يا ضبع يا نمر فجاؤوا يتعادون بالسيوف، فقال: ما هذا إلا وادي السباع! وفي الصحيحين «١» «نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يفترش المصلي ذراعيه افتراش السبع» . وروى الترمذي والحاكم، عن أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده لا تقوم الساعة حتى تكلم السباع الإنس، وحتى يكلم الرجل عذبة سوطه وشراك نعله، يحدثه بما أحدث أهله من بعده» «٢» . ثم قال:

حسن صحيح غريب لا نعرفه إلا من حديث القاسم بن الفاضل، وهو ثقة عند أهل الحديث وثقه يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي.

[فائدة]

: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم أنتوضأ بما أفضلت الحمر قال: «وبما أفضلت السباع» «٣» خرجه الدارقطني قال السهيلي: يريد «نعم وبما أفضلت السباع» قال: ومثله قوله تعالى: «سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ»

«٤» قالوا: إنها واو الثمانية وليس كذلك بل تدل على تصديق القائلين بأنهم سبعة لأنها عاطفة على كلام مضمر مصدق تقديره نعم. وثامنهم كلبهم كما إذا قال قائل: زيد شاعر. فقلت له: وفقيه أيضا أي نعم وفقيه أيضا. وفي التنزيل «وَارْزُقْ أَهْلَهُ مِنَ الثَّمَراتِ»

«٥» الآية قال الزمخشري: هذه الواو آذنت بأن الذين قالوا «سَبْعَةٌ وَثامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ»

«٦» قالوا ذلك عن ثبات علم وطمأنينة نفس، ولم يرجموا بالظن كغيرهم انتهى. وحكى القشيري، في أوائل الرسالة، عن بنان الجمال، وكان عظيم الشأن صاحب كرامات، أنه ألقي بين يدي سبع فجعل السبع يشمه ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>