للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أهلها فقال: «والذي نفسي بيده للدنيا أهون على الله تعالى من هذه على أهلها» «١» . وروى البزار في مسنده عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم مر بدمنة قوم، فيها سخلة ميتة، فقال «٢» صلى الله عليه وسلم: «أما لأهلها فيها حاجة» ؟ فقالوا: يا نبي الله لو كان لأهلها فيها حاجة ما نبذوها! قال صلى الله عليه وسلم «فو الله للدنيا أهون على الله من هذه السخلة على أهلها فلا ألفينها أهلكت أحدكم» . وفي سيرة ابن هشام أن النبي صلى الله عليه وسلم، لما خرج هو وأصحابه إلى غزوة بدر،.. لقوا رجلا من الأعراب فسألوه عن الناس فلم يجدوا عنده خبرا، فقال له الناس: سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أو فيكم رسول الله؟ قالوا: نعم فسلم عليه. ثم قال: إن كنت رسول الله فأخبرني عما في بطن ناقتي هذه؟

فقال له سلمة بن سلامة بن وقش، وكان غلاما حدثا: لا تسأل رسول الله وأقبل علي فأنا أخبرك بذلك! ففي بطنها منك سخلة. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مه» .. فخشيت على الرجل ثم أعرض عن سلمة. ورواه الحاكم في المستدرك من حديث ابن لهيعة عن أبي الأسود، عن عروة بزيادة وهو أنه قال لقي رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلا من أهل البادية وهو متوجه إلى بدر، لقيه بالروحاء فسأله القوم عن خبر الناس، فلم يجدوا عنده خبرا، فقالوا له: سلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أو فيكم رسول الله؟ قالوا: نعم فسلم عليه ثم قال: إن كنت رسول الله فأخبرني عما في بطن ناقتي هذه؟

فقال له سلمة بن سلامة بن وقش، وكان غلاما حدثا: لا تسأل رسول الله وأقبل علي فأنا أخبرك عن ذلك! نزوت عليها ففي بطنها سخلة منك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «مه» . فخشيت على الرجل ثم أعرض عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم فلم يكلمه كلمة واحدة حتى قفلوا واستقبلهم المسلمون بالروحاء يهنونهم فقال سلمة: يا رسول الله ما الذي يهنئونك والله إن رأينا إلا عجائز صلعا كالبدن المعتقلة فنحرناها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إن لكل قوم فراسة، وإنما يعرفها الأشراف» . ثم قال: هذا صحيح مرسل.

ويتصل بذكر الفراسة ما رواه الحاكم عن ابن مسعود رضي الله عنه، أنه قال: أفرس الناس ثلاثة: العزيز حين تفرس في يوسف فقال لامرأته: أكرمي مثواه. والمرأة التي رأت موسى عليه السلام، فقالت لأبيها: يا أبت استأجره. وأبو بكر حين استخلف عمر رضي الله تعالى عنهما. قال الحاكم: فرضي الله تعالى عن ابن مسعود لقد أحسن في الجمع بينهم بهذا الإسناذ الصحيح.

[فرع]

: السخلة المرباة بلبن كلبة، لها حكم الجلالة، يكره أكلها كراهة تنزيه على الأصح في الشرح الكبير، والروضة والمنهاج. وبه جزم الروياني والعراقيون. وقال أبو اسحاق المروزي والقفال: كراهة تحريم، ورجحه الإمام والغزالي والبغوي والرافعي في المحرر. والجلالة هي التي تأكل العذرة والنجاسات سواء كانت من الإبل أو البقر أو الغنم أو الدجاج أو الأرز أو السمك، أو غير ذلك من المأكول.

وقد تقدم في باب الدال المهملة، في الدجاج، أن النبي صلى الله عليه وسلم «كان إذا أراد أن يأكل دجاجة أمر بها فربطت أياما ثم يأكلها بعد ذلك» «٣» . وروى الدارقطني والحاكم والبيهقي، عن عبد الله بن عمر رضي الله تعالى عنهما، أن النبي صلى الله عليه وسلم «نهى عن أكل الجلالة وشرب ألبانها حتى تحبس» «٤» .

<<  <  ج: ص:  >  >>