للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الحاكم: صحيح الإسناد وقال البيهقي: ليس بالقوي. ثم إن لم يظهر بسبب ذلك تغير في لحمها، فلا تحريم ولا كراهة. واختلفوا فيما يناط به الحرمة والكراهة، فنقل الرافعي عن تتمة التتمة، أنه إن كان أكثر أكلها الطاهرات فليست بجلالة، والأصح أنه لا اعتبار بالكثرة بل بالرائحة فإن كان يوجد في عرقها أو فيها أدنى ريح النجاسة وإن قل فالموضع موضع النهي، وإلا فلا. وعن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه أن موضع النهي، ما إذا وجدت رائحة النجاسة بتمامها أو كانت تقرب من الرائحة فأما إذا كانت الرائحة توجد يسيرة، فلا اعتبار بها. والصحيح الأول إلحاقا لها بالتغير اليسير بالنجاسة في المياه فإن علفت الجلالة علفا طاهرا مدة حتى طاب لحمها، وزالت النجاسة زالت الكراهة. ولا تقدر مدة العلف عندنا بزمن بل المعتبر زوال الرائحة بأي وجه كان. قال الرافعي، رحمه الله: وعن بعض العلماء تقدير العلف في الإبل والبقر بأربعين يوما، وفي الغنم بسبعة أيام وفي الدجاج بثلاثة أيام. قال: وهو محمول عندنا على الغالب اهـ. فإن لم تعلف لم يزل المنع بغسل اللحم بعد الذبح ولا بطبخه وشيه وتجفيفه في الهواء، وإن زالت الرائحة وكذا إن زالت الرائحة، بمرور الزمان عند صاحب التهذيب. وقيل: بخلافه وكما يمنع لحمها يمنع لبنها وبيضها ويكره الركوب عليها من غير حائل بين الراكب وبينها ويطهر جلدها بالدباغ والأصح أنه كاللحم ولا يطهر بالذكاة عند القائل بالتنجيس.

وسئل: سحنون عن خروف أرضعته خنزيرة، فقال: لا بأس بأكله. قال الطبري: العلماء مجمعون على أن الجدي إذا اغتذى بلبن كلبة أو خنزيرة، لا يكون حراما، ولا خلاف في أن ألبان الخنازير نجسة كالعذرة. وقال غيره: المعنى فيه أن لبن الخنزيرة لا يدرك في الخروف إذا ذبح بذوق ولا شم رائحة فقد نقله الله تعالى وأحاله كما يحيل الغذاء، وإنما حرّم الله تعالى أكل أعيان النجاسات المدركات بالحواس. كذا قاله أبو الحسن علي بن خلف بن بطال القرطبي في شرح البخاري. ووفاته سنة تسع وأربعين وأربعمائة وهو أحد شيوخ أبي عمر بن عبد البر رحمة الله تعالى عليه.

السّرحان:

بكسر السين الذئب. والجمع سراح وسراحين، والأنثى سرحانة بالهاء، والجمع كالجمع والسرحان الأسد بلغة هذيل قال أبو المثلم يرثي ميتا:

هباط أودية حمال ألوية ... شهاد أندية سرحان فتيان

وقال سيبويه: نون سرحان زائدة وهو فعلان والجمع سراحين. قال الكسائي: والأنثى سرحانة.

حكى القزويني، عن بعض الرعاة، أنه نزل واديا بغنمه فسلب سرحان شاة من غنمه فقام ورفع صوته ونادى: يا عامر الوادي، فسمع صوتا: يا سرحان رد عليه شاته، فجاء الذئب بالشاة وتركها وذهب، وقد تقدم حكمه وخواصه وتعبيره.

[الأمثال]

: قالوا: «سقط العشاء به على سرحان» «١» . قال أبو عبيدة: أصله أن رجلا خرج يلتمس العشاء، فسقط على ذئب فأكله الذئب. وقال الأصمعي: أصله أن دابة خرجت تطلب

<<  <  ج: ص:  >  >>