للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ومن السمك نوع يطير على وجه البحر مسافة طويلة ثم ينزل انتهى.

قال ابن التلميذ «١» في تشبيه السمك:

لبسن الجواشن خوف الردى ... عليهن من فوقهن الخوذ

فلما أتيح لها أهلكت ... ببرد النسيم الذي يستلذ

وهو بجملته شره كثير الأكل لبرد مزاج معدته وقربها من فمه وإنه ليس له عنق ولا صوت ولا يدخل إلى جوفه هواء البتة، ولذلك يقول بعضهم: إن السمك لا رئة له، كما أن الفرس لا طحال له، والجمل لا مرارة له، والنعامة لا مخ لها وصغار السمك تحترس من كباره، ولذلك تطلب ماء الشطوط والماء القليل الذي لا يحمل الكبير، وهو شديد الحركة لأن قوته المحركة للإرادة، تجري في مسلك واحد لا ينقسم في عضو خاص، وهذا بعينه موجود في الحيات. ومن السمك ما يتولد بسفاد، ومنه ما يتولد بغيره إما من الطين أو من الرمل، وهو الغالب في أنواعه، والغالب يتولد من العفونات. وبيض السمك ليس له بياض ولا صفرة، وإنما هو لون واحد قال الجاحظ: ومن السمك القواطع والأوابد كما في الطير، فرب سمكة تأتي في بعض فصول السنة وتنقطع في بعضها. ومن جملة أنواعه السقنقور، والدلفين، والخرشفلا، والتمساح. وقد تقدم ذكرها في أبوابها ومنها: القرش والعنبر، وسيأتيان في بابيهما، إن شاء الله تعالى ومن أصنافه ما هو على شكل الحيات، وغير ذلك، ومن أنواعه السمكة الرعادة هي صغيرة إذا وقعت في الشبكة والصياد ممسك حبلها، ارتعدت يد الصياد والصيادون يعرفون ذلك فإذا أحسوا بها شدوا حبل الشبكة في وتد أو شجرة حتى تموت السمكة، فإذا ماتت بطلت خاصيتها. وما أحسن قول الشيخ شرف الدين محمد بن حماد بن عبد الله البوصيري «٢» صاحب البردة في الشيخ زين الدين محمد بن الرعاد:

لقد عاب شعري في البرية شاعر ... ومن عاب أشعاري فلا بد أن يهجى «٣»

فشعري بحر لا يرى فيه ضفدع ... ولا يقطع الرعاد يوما له لجا

وأطباء الهند يستعملونها في الأمراض الشديدة الحر، وأما في غير بلاد الهند فلا يمكن استعمالها.

قال ابن سيده: الرعادة إذا قربت من رأس المصروع، وهي حية، نفعته. وإذا علقت المرأة شيئا منها عليها لم يقدر الرجل على فراقها. وفي البحر من العجائب ما لا يستطاع حصره، ويكفي في ذلك قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: «حدثوا عن البحر ولا حرج» أي حدثوا عنه حيث لا حرج عليكم في ذلك.

ومن أنواعه: الشيخ اليهودي وسيأتي إن شاء الله تعالى في باب الشين المعجمة.

[عجيبة:]

حكى القزويني، في عجائب المخلوقات عن عبد الرحمن بن هارون المغربي، قال:

<<  <  ج: ص:  >  >>