للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إنسان، فاشتراه بدرهم ثم جاء به إليه ففعل ذلك ثلاث مرات ثم في الرابعة أكله ولو علم ذلك ما ذاقه. وقال سريج بن يونس: خرجت يوما لصلاة الجمعة، فرأيت سمكتين مشويتين فاشتهيتهما بقلبي للصبيان، ولم أتكلم، فلما رجعت لم أستقر إلا قليلا، حتى دق الباب رجل وعلى رأسه طبق عليه السمكتان ونقل وخل ورطب كثير، فقال: يا أبا الحارث كل هذا مع الصبيان.

وقال عبد الله بن الإمام أحمد بن حنبل: سمعت سريج بن يونس يقول: رأيت رب العزة في المنام فقال لي: يا سريج سل حاجتك فقلت: يا رب سر بسر اهـ وسر بسر لفظة أعجمية يعني رأسا برأس. وفي تاريخ ابن خلكان أن سريجا هذا جد أبي العباس إمام الفقهاء الشافعية.

[الحكم]

: السمك بجميع أنواعه حلال بغير ذبح، سواء مات بسبب ظاهر، كضغطة أو صدمة حجر أو انحسار ماء أو ضرب من صياد أو مات حتف أنفه لعموم ما تقدم من قوله صلى الله عليه وسلم:

«أحلت لنا ميتتان ودمان السمك والجراد والكبد والطحال» «١» وأجمع المسلمون على طهارة ميتتهما، وسيأتي في باب العين إن شاء الله تعالى، حديث العنبر الذي وجده أبو عبيدة وأصحابه رضي الله تعالى عنهم، وأكل منه النبي صلى الله عليه وسلم.

[فرع]

: لو اصطاد مجوسي سمكا فهو طاهر، لقول الحسن: رأيت سبعين صحابيا يأكلون صيد المجوسي من الحيتان، ولا يتلجلج في صدورهم من ذلك شيء. وهذا في السمك مجمع عليه وخالف مالك في الجراد.

[فرع]

: لا يحل قطع السمكة الحية لما فيه من التعذيب، كما لو قلاها قبل الموت في الزيت المغلي كذا قاله أبو حامد. قال النووي: وهذا تفريع على اختياره تحريم ابتلاعها حية وذلك مباح.

اهـ قلت: وهذا مشكل فلا يلزم من جواز الابتلاع جواز القلي لما فيه من التعذيب بالنار.

[فرع]

: يكره ذبح السمك، إلا أن يكون كبيرا يطول بقاؤه، فيستحب ذبحه في الأصح إراحة له وقال الرافعي: أكل السمكة الصغيرة إذا شويت ولم يشق جوفها ولم يخرج ما فيه، فيه وجهان: وعلى المسامحة جرى الأولون، قال الروياني: وبهذا أفتى ورجيعها طاهر عندي وهو مختار القفال.

[فرع]

: اختلف العلماء في الحيوان الذي في البحر سوى الحوت، فقال بعضهم: يؤكل جميع ما في البحر سوى الضفدع، ولو كان على صورة إنسان وإلى هذا ذهب أبو علي الطيبي من قدماء أصحابنا، قال في شرح القنية: قيل له: أرأيت لو كان على صورة بني آدم؟ قال: وإن تكلم بالعربية وقال: أنا فلان بن فلان، فإنه لا يصدق انتهى. وهذا ضعيف شاذ وقال آخرون: يؤكل الجميع إلا ما كان على صورة الكلب والخنزير والضفدع.

وقيل: كل ما أكل في البر مذبوحا، يؤكل مثله في البحر مذبوحا، وغير مذبوح على الأصح. وقيل: لا بد من ذبحه واختاره الصيدلاني، فعلى هذا لا يحل كلب الماء ولا خنزيره ولا

<<  <  ج: ص:  >  >>