للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

باب المدينة فإذا عليها ملكان فيأخذان بأرجلهما ويسحبانهما إلى أرض المحشر، فهما آخر الناس حشرا» .

[غريبة]

: قيل: كان لركن الدولة سنور يألف مجلسه، وكان بعض أصحابه، إذا أراد الاجتماع به فيعسر عليه ذلك، كتب حاجته في رقعة وعلقها في عنق السنور، فيراها ركن الدولة فيأخذ الرقعة ويقرؤها، ويكتب جوابها، عليها ثم يشدها في عنق السنور، فيرجع بها إلى صاحبها. وقيل: إن أهل سفينة نوح عليه السلام تأذوا من الفأر فمسح نوح عليه السلام جبهة الأسد فعطس، فرمى بالسنور فلذلك هو أشبه شيء بالأسد، بحيث لا يمكن أن يصور الهر إلا جاء أسدا، وهو ظريف لطيف يمسح بلعابه وجهه، وإذا تلطخ شيء من بدنه نظفه، وهو في آخر الشتاء تهيج شهوته، فيتألم ألما شديدا من لذع مادة النطفة فلا يزال يصيح حتى يلقي تلك المادة.

وإذا جاعت الأنثى أكلت أولادها، وقيل: إنها تفعل ذلك لشدة محبتها لهم وأنشد «١» الجاحظ:

جاءت مع الاشفين في هودج ... تزجى إلى النصرة أجنادها

كأنها في فعلها هرة ... تريد أن تأكل أولادها

معنى تزجي تسوق قال الله تعالى: أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحاباً

«٢» أي يسوق سحابا.

وإذا بال السنور ستر بوله حتى لا يشم رائحته الفأر فيهرب، فيشمه أولا، فإذا وجد رائحته شديدة، غطاه بحيث يواري الرائحة والجرم، وإلا اكتفى بأيسر التغطية. قالوا: والفأرة تعرف رجيع السنور، وذكر الزمخشري أن الله تعالى ألهم الهرة ذلك، ليتنبه بذلك قاضي الحاجة من الناس فيغطي ما يخرج منه. وإذا ألف السنور منزلا، منع غيره من السنانير الدخول إلى ذلك المنزل، وحاربه أشد محاربة وهو من جنسه، علما منه بأن أربابه ربما استحسنوه وقدموه عليه، أو شاركوا بينه وبينه في المطعم، وإن أخذ شيئا مما يخزنه أصحاب المنزل عنه هرب علما منه بما يناله منهم من الضرب. وإذا طردوه تملقهم وتمسح بهم، علما منه بأنه يخلصه التملق ويحصل له العفو والإحسان. وقد جعل الله تعالى في قلب الفيل الفرق منه، فهو إذا رأى سنورا هرب. وحكي أن جماعة من أهل الهند هزموا بذلك.

والسنور ثلاثة أنواع: أهلي، ووحشي، وسنور الزباد. وكل من الأهلي والوحشي له نفس غضوبة يفترس ويأكل اللحم الحي ويناسب الإنسان في أمور: منها أنه يعطس ويتثاءب ويتمطى ويتناول الشيء بيده، وتحمل الأنثى في السنة مرتين، ومدة حملها خمسون يوما. والوحشي حجمه أكبر من حجم الأهلي قال الجاحظ: قال العلماء: اتخاذ السنور وتربيته مستحبة. وذكر القزويني في الاشكال، عن ابن الفقيه، أن لبعض السنابير أجنحة كأجنحة الخفافيش من أصل الأذن إلى الذنب، فإن صح ذلك فالظاهر أنه كالسنور البري، عملا بالمشاكلة. وقال مجاهد: جاء رجل إلى شريح القاضي، يخاصم آخر في سنور فقال: بينتك؟ قال: ما أجد بينة في سنور ولدته أمه عندنا.

<<  <  ج: ص:  >  >>