للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيطان بري وقال: المؤمن شريف ظريف، لطيف لا لعان ولا نمام، ولا مغتاب ولا قتات، ولا حسود ولا حقود، ولا بخيل ولا مختال، يطلب من الخيرات أعلاها، ومن الأخلاق أسناها، إن سلك مع أهل الآخرة، كان أورعهم، غضيض الطرف سخي الكف، لا يرد سائلا ولا يبخل بنائل، متواصل الأحزان، مترادف الإحسان، يزن كلامه ويحرس لسانه، ويحسن عمله، ويكثر في الحق أمله، متأسف على ما فاته من تضييع أوقاته، كأنه ناظر إلى ربّه مراقب لما خلق له لا يرد الحق على عدوّه، ويبطل الباطل من صديقه، كثير المعونة قليل المؤونة، يعطف على أخيه عند عسرته لما مضى من قديم صحبته فهذه صفات المؤمنين، الخالصين الموحدين لرب العالمين.

وكان رجل من عباد الله الصالحين الموحدين يصحب إبراهيم «١» بن أدهم رضي الله تعالى عنه، فقال له: علمني اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى فقال: قل هذه الكلمات صباحا ومساء فإنه ما دعا بهن خائف، إلا أمن ولا سائل إلا أعطاه الله مسألته وهي هذه الكلمات: يا من له وجه لا يبلى ونور لا يطفى، واسم لا ينسى، وباب لا يغلق، وستر لا يهتك، وملك لا يفنى، أسألك وأتوسل إليك بجاه محمد صلى الله عليه وسلم أن تقضي حاجتي وتعطيني مسألتي.

وقال بعض العلماء: اسم الله الأعظم الذي إذا دعي به أجاب، وإذا سئل به أعطى هو لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، اللهم إني أسألك بأني أشهد أنك أنت الله الأحد، اللهم إني أسألك بأن لك الحمد، لا إله إلا أنت، الحنّان المنّان، بديع السموات والأرض، يا ذا الجلال والإكرام يا حي يا قيوم.

وسئل الإمام النووي رحمه الله تعالى، عن اسم الله الأعظم ما هو، وفي أي سورة هو؟

فأجاب رضي الله تعالى عنه: فيه أحاديث كثيرة ففي سنن ابن ماجه، وغيره عن أبي أمامة رضي الله تعالى عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «في ثلاث سور في البقرة وآل عمران وطه» . قال بعض الأئمة المتقدمين: هو الحي القيوم، لأنه في البقرة، في آية الكرسي، وفي أول آل عمران، وفي طه في قوله «٢» تعالى: وَعَنَتِ الْوُجُوهُ لِلْحَيِّ الْقَيُّومِ

. وهذا استنباط حسن والله أعلم.

وقد ثبت في صحيح مسلم رضي الله عنه عن أبي هريرة رضي الله عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم «٣» قال: «لا يزال يستجاب للعبد ما لم يدع بإثم أو قطيعة رحم، ما لم يستعجل» قيل: يا رسول الله ما الاستعجال؟ قال: «يقول قد دعوت فلم يستجب لي، فيستحسر عند ذلك ويدع الدعاء» .

فائدة: فيمن يستجاب دعاؤهم قطعا: المضطر، والمظلوم مطلقا، ولو كان فاجرا أو كافرا، أو الوالد على ولده، والإمام العادل، والرجل الصالح، والولد البار بوالديه، والمسافر حتى يرجع، والصائم حتى يفطر، والمسلم للمسلم ما لم يدع بظلم، أو قطيعة رحم، أو يقل دعوت فلم أجب.

[ومن الفوائد المجربة:]

العظيمة البركة، الكثيرة الخير، لقضاء الحوائج، وتفريج الهم والغم، وهي من الأسرار المخزونة المكنونة، كما قاله شيخنا اليافعي: أن تقرأ بعد صلاة العشاء،

<<  <  ج: ص:  >  >>