للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[باب الضاد المعجمة]

[الضأن:]

ذوات الصوف من الغنم، وهي جمع ضائن، والأنثى ضائنة والجمع ضوائن، وقيل: هو جمع لا واحد له، وقيل: جمعه ضئين كعبد وعبيد.

[فائدة]

: قال «١» الله تعالى: ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ مِنَ الضَّأْنِ اثْنَيْنِ وَمِنَ الْمَعْزِ اثْنَيْنِ قُلْ آلذَّكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الْأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحامُ الْأُنْثَيَيْنِ

الآية وذلك أن الجاهلية كانوا يقولون: هذه أنعام وحرث حجر، وقالوا: ما في بطون هذه الأنعام خالصة لذكورنا، ومحرم على أزواجنا، وحرموا البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي، فكنوا يحرمون بعضها على النساء، فلما جاء الإسلام وثبتت أحكامه، جادلوا النبي صلى الله عليه وسلم، وكان الذي جادله خطيبهم مالك بن عوف بن الأحوص الجشمي، فقال: يا محمد إنك تحرم أشياء مما كان آباؤنا يفعلونه. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إنكم قد حرمتم أصنافا من الغنم على غير أصل، وإنما خلق الله هذه الأزواج الخمسة للمأكل والانتفاع بها، فمن أين جاء هذا التحريم أمن قبل الذكر أمن قبل الأنثى» . فسكت مالك وتحير ولم يتكلم.

فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: «ما لك لا تتكلم» ؟ فقال له مالك: بل تكلم وأسمع منك.

فلو قال جاء التحريم من قبل الذكورة وجب أن يحرم جميع الذكور، ولو قال بسبب الأنوثة وجب أن يحرم جميع الإناث، ولو قال باشتمال الرحم عليه لكان ينبغي أن يحرم الكل لأن الرحم يشتمل على الذكور والإناث. فأما تخصيص التحريم بالولد الخامس والسابع أو بالبعض دون البعض، فمن أين؟ وثمانية أزواج نصبها على البدل من الحمولة والفرش، أي وأنشأ من الأنعام ثمانية أزواج أي أصناف: من الضأن اثنين أي الذكر والأنثى، فالذكر زوج والأنثى زوج والعرب تسمي الواحد زوجا إذا كان لا ينفك عن الآخر. وسيأتي إن شاء الله تعالى، الكلام على البحيرة والسائبة والوصيلة والحامي، في باب النون في النعم.

وقد جعل الله تعالى البركة، في نوع الغنم فهي تلد في العام مرة ويؤكل منها ما شاء الله ويمتلىء منها وجه الأرض، بخلاف السباع فإنها تلد شتاء وصيفا، ولا يرى منها إلا واحد واحد في أطراف الأرض، ويضرب المثل بلين جلودها، لما روى البيهقي والترمذي عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «٢» : «يخرج في آخر الزمان رجال يختلون الدنيا بالدين، ألسنتهم أحلى من العسل وقلوبهم قلوب الذئاب» وفي رواية: «وقلوبهم أمر من الصبر يلبسون للناس جلود الضأن من اللين يشترون الدنيا بالدين يقول الله تعالى: أبي يغترون وعلي يجترئون، فبي حلفت لأقيضن لهم فتنة تدع الحليم منهم حيران» . يقال: ختله يختله إذا خدعه، وختل الذئب الصيد، إذا تخفى له. وبين المعز والضأن تضاد يوجب أن لا يقع بينهما لقاح أصلا.

وعن عجيب طبعها وأمرها أنها ترى الفيل والجاموس فلا تهابهما، مع عظم أبدانهما، وترى الذئب فيعتريها خوف عظيم لمعنى خلقه الله في طباعها. ومن غريب أمرها أن الغنم تلد في ليلة واحدة عددا كثيرا ثم إن الراعي يسرح بالأمهات من الغد ويأتي بها عند العشاء، ويخلي بينها وبين

<<  <  ج: ص:  >  >>