للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واحد الطير، يريد صيده فلا يتحرك يضرب للساكن الوادع وهذه كانت صفة مجالس رسول الله صلى الله عليه وسلم، إذا تكلم أطرق جلساؤه كأنما على رؤوسهم الطير يريد أنهم يسكنون فلا يتكلمون، والطير لا تسقط إلا على ساكت. وقال الجوهري: وقولهم: كأنما على رؤوسهم الطير، إذا سكتوا من هيبته. وأصله أن الغراب، إذا وقع على رأس البعير، ليلقط منه الحلمة أو الحمنانة، فلا يحرك البعير رأسه لئلا ينفر عنه الغراب.

[الطيطوي:]

قال ارسطاطاليس، في كتاب النعوت: إنه طائر لا يفارق الآجام، وكثرة المياه، لأن هذا الطائر لا يأكل شيئا من النبت، ولا من اللحوم، وإنما قوته مما يتولد في شاطىء الغياض والآجام، من دود النتن. وهذا الطائر تطلبه البزاة عند مرضها، لأن البازي أكثر ما يصيبه من الأمراض بسبب الحرارة في كبده، فإذا عرض له ذلك طلب الطيطوي، وأكل كبده فيبرأ. وقد يطمئن الطيطوي ويصيح، ولا ينفر من موضعه، إلا إذا طلبه البازي هرب وغير موضعه، فإذا كان في الليل، هرب وصاح، وهو في النهار إذا هرب لم يصح، وكمن في الحشيش.

وذكر الثعلبي والبغوي وغيرهما في تفسير سورة النمل عند قوله تعالى: يا أَيُّهَا النَّاسُ عُلِّمْنا مَنْطِقَ الطَّيْرِ

«١» سمى صوت الطير منطقا لحصول الفهم به كما يفهم من كلام الناس. وقالوا:

قال كعب الأحبار وفرقد السنجي: مر سليمان عليه السلام على بلبل فوق شجرة يحرك ذنبه ورأسه فقال لأصحابه: أتدرون ما يقول هذا البلبل؟ قالوا: لا يا رسول الله قال: يقول: أكلت نصف تمرة، فعلى الدنيا العفاء. ومر بهدهد فأخبر أنه يقول: إذا نزل القضاء عمي البصر. وفي رواية كعب، أنه يقول من لا يرحم لا يرحم، والفاختة تقول: يا ليت هذا الخلق ما خلقوا! وليتهم إذا خلقوا علموا لماذا خلقوا، وليتهم إذا علموا لماذا خلقوا عملوا بما علموا! والصرد يقول: سبحانه ربي الأعلى ملء سمائه وأرضه، والسرطان يقول: استغفروا الله يا مذنبين، وصاحت طيطوي عنده فأخبر أنها تقول: كل حي ميت، وكل جديد بال، وقال: إن الخطاف يقول: قدموا خيرا تجدوه عند الله، والورشان يقول: لدوا للموت، وابنوا للخراب، والطاوس يقول: كما تدين تدان والحمامة تقول: سبحان ربي المذكور بكل لسان، والدراج يقول: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى

«٢» وإذا صاحت العقاب تقول: البعد عن الناس راحة، وفي رواية البعد من الناس أنس، وإذا صاح الخطاف قرأ الفاتحة إلى آخرها، ويمد صوته بقوله: وَلَا الضَّالِّينَ

«٣» ، كما يمده القارىء، والبازي يقول: سبحان ربي وبحمده، والقمري يقول: سبحان ربي الأعلى، وقيل إنه يقول: يا كريم، والغراب يلعن العشار ويدعو عليه، والحدأة تقول: كل شيء هالك إلا الله، والقطاة تقول: من سكت سلم، والببغاء يقول: ويل لمن كانت الدنيا أكبر همه، والزرزور يقول:

اللهم إني أسألك رزق يوم بيوم يا رزاق، والقنبرة تقول: اللهم العن مبغضي محمد وآل محمد، والديك يقول: اذكروا الله يا غافلين، والنسر يقول: يا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وفي رواية أن الفرس تقول: إذا التقى الجمعان سبوح قدوس رب الملائكة والروح. والحمار يلعن المكاس وكسبه، والضفدع تقول: سبحان ربي الأعلى.

<<  <  ج: ص:  >  >>