للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وقالوا: «العقرب تلدغ وتصي» يضرب للظالم في صفة المتظلم. وقالوا: «تحككت العقرب بالأفعى» يضرب لمن ينازع أو يخاصم من هو أكثر منه شرا. يقال: تحكك به، إذا تعرض لشره، وقولهم: «أتجر من عقرب» »

و «أمطل من عقرب» «٢» . هو اسم تاجر كان بالمدينة، وكان من أكثر الناس تجارة، وأشدهم تسويفا، حتى ضربوا بمطله المثل. فاتفق أن الفضل بن عباس بن عتبة بن أبي لهب، وكان من أشد الناس اقتضاء، عامله، فقال الناس: ننظر الآن ما يصنعان، فلما جاء المال لزم الفضل باب عقرب، وشد حماره ببابه، وقعد يقرأ القرآن، فأقام عقرب على المطل غير مكترث به، فعدل الفضل عن ملازمة بابه إلى هجاء عرضه، فمما سار عنه قوله فيه:

كلّ عدو كيده في استه ... فغيره ليس الأذى ضائره

قد تجرت في سوقنا عقرب ... لا مرحبا بالعقرب التاجره

كلّ عدوّ يتقى مقبلا ... وعقرب يخشى من الدابره

إن عادت العقرب عدنا لها ... وكانت النعل لها حاضره

وقد أذكرني قوله: إن عادت العقرب عدنا لها البيت، ما حكاه الشيخ كما الدين الأدفوي «٣» ، في كتابه «الطالع السعيد» أن الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد «٤» ، كان في صباه يلعب الشطرنج مع زوج أخته الشيخ تقي الدين بن الشيخ ضياء الدين، فأذن بالعشاء فقاما فصليا، ثم قال الشيخ تقي الدين بن دقيق العيد: أما تعود؟ فقال صهره:

إن عادت العقرب عدنا لها ... وكانت النعل لها حاضره

فأنف الشيخ تقي الدين من ذلك فلم يعد يلعبها إلى أن مات.

[فائدة]

: قال ابن خلكان، في ترجمة أبي بكر الصولي «٥» الكاتب المشهور، أنه كان أوحد أهل زمانه في لعب الشطرنج، والناس إلى الآن، يضربون المثل به في ذلك. وزعم كثير من الناس أنه الذي وضع الشطرنج، وهو غلط، وواضعه رجل يقال له صصّة، بصادين مهملتين، الأولى مكسورة والثانية مفتوحة مشددة وضعه لملك الهند شهرام بكسر الشين المعجمة، وكان أردشير بن بابك، أول ملوك الفرس المؤرخة به، قد وضع النرد، ولذلك قيل له النردشير، نسبوه إلى واضعه المذكور، وجعله مثالا للدنيا وأهلها. فجعل الرقعة اثني عشر بيتا بعدد شهور السنة، وجعل القطع ثلاثين قطعة بعدد أيام الشهر، وجعل الفصوص مثل القضاء والقدر وتقلبه في الدنيا،

<<  <  ج: ص:  >  >>