للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قشعم، والأنثى أم قشعم ووزنه فعللوت وهي قصار الأرجل كبار العيون للواحد ثمان أرجل وست عيون، فإذا أراد صيد الذباب لطأ بالأرض، وسكن أطرافه، وجمع نفسه، ثم وثب على الذباب، فلا يخطئه. قال أفلاطون: أحرص الأشياء الذباب، وأقنع الأشياء العنكبوت. فجعل الله رزق أقنع الأشياء في أحرص الأشياء، فسبحان اللطيف الخبير. وهذا النوع يسمى الذباب ومنها نوع يضرب إلى الحمرة له زغب، وله في رأسه أربع إبر ينهش بها وهو لا ينسج بل يحفر بيته في الأرض، ويخرج في الليل كسائر الهوام. ومنها الرتيلاء، وقد تقدم الكلام عليها في باب الراء المهملة. وقال الجاحظ: ولد العنكبوت أعجب من الفروج الذي يخرج إلى الدنيا كاسبا كاسيا، لأن ولد العنكبوت، يقوى على النسج ساعة يولد، من غير تلقين ولا تعليم، ويبيض ويحضن، وأول ما يولد دودا صغارا ثم يتغير ويصير عنكبوتا، وتكمل صورته عند ثلاثة أيام، وهو يطاول السفاد، فإذا أراد الذكر الأنثى جذب بعض خيوط نسجها من الوسط، فإذا فعل ذلك فعلت الأنثى مثله، فلا يزالان يتدانيان حتى يتشابكا فيصير بطن الذكر قبالة بطن الأنثى.

وهذا النوع من العناكب حكيم، ومن حكمته أنه يمد السدى، ثم يعمل اللحمة، ويبتدىء من الوسط ويهيىء موضعا لما يصيده من مكان آخر كالخزانة، فإذا وقع شيء فيما نسجه وتحرك، عمد إليه وشبك عليه حتى يضعفه، فإذا علم ضعفه، حمله وذهب به إلى خزانته، فإذا خرق الصيد من النسج شيئا عاد إليه ورمه، والذي ينسجه لا يخرجه من جوفه بل من خارج جلده.

وفمه مشقوق بالطول وهذا النوع ينسج بيته دائما مثلث الشكل، وتكون سعة بيته بحيث يغيب فيه شخصه.

[فائدة]

: أسند الثعلبي وابن عطية وغيرهما، عن علي بن أبي طالب رضي الله تعالى عنه، أنه قال: طهروا بيوتكم من نسج العنكبوت، فإن تركه في البيت يورث الفقر. وفي مراسيل أبي داود، عن يزيد بن مزيد، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن العنكبوت شيطان فاقتلوه» «١» . وهو في كامل ابن عدي، في ترجمة مسلمة بن علي الخشني عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما، ولفظه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «العنكبوت شيطان مسخه الله فاقتلوه» . وهو حديث ضعيف ويزيد بن مزيد الهمداني الصنعاني الدمشقي، أدرك عبادة بن الصامت، وشداد بن أوس، وهو القائل: والله لو أن الله تعالى توعدني، إن أنا عصيت، أن يسجنني في الحمام لكان حريا أن لا تجف لي عين. وطلبوه للقضاء فقعد يأكل في السوق فتخلص بذلك منهم.

وروى أبو نعيم، في الحلية، في ترجمة مجاهد أنه قال في قوله «٢» تعالى: أَيْنَما تَكُونُوا يُدْرِكْكُمُ الْمَوْتُ وَلَوْ كُنْتُمْ فِي بُرُوجٍ مُشَيَّدَةٍ

أنه قال: كان فيمن كان قبلكم امرأة وكان لها أجير، فولدت جارية فقالت لأجيرها: اقتبس لنا نارا فخرج فوجد بالباب رجلا، فقال له الرجل: ما ولدت هذه المرأة؟ فقال: جارية. فقال: أما أن هذه الجارية لا تموت حتى تبغي بمائة رجل ويتزوج بها أجيرها، ويكون موتها بالعنكبوت. فقال الأجير في نفسه: فأنا والله ما أريد هذه بعد أن تبغي بمائة، لأقتلنها! فأخذ شفرة ودخل فشق بطن الجارية وخرج على وجهه، فركب البحر فخيط بطن

<<  <  ج: ص:  >  >>