للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في سبعمائة بطل إلى الشام فلما نزل بذي خشب، قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم، وارتدت العرب فاجتمعت الصحابة رضي الله عنهم وقالوا للصديق رضي الله عنه: رد هؤلاء أي أسامة ومن معه، فقال: والله الذي لا إله إلا هو، لو جرت الكلاب بأرجل أزواج النبي صلى الله عليه وسلم، ما رددت جيشا جهزه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولا حللت عقد لواء عقده رسول الله صلى الله عليه وسلم، وفي رواية لو علمت أن السباع تجر برجلي إن لم أرده ما رددتته. وأمر أسامة «١» رضي الله عنه أن يمضي لوجهه وقال له: إن رأيت أن تأذن لعمر رضي الله عنه بالمقام عندي أستأنس به وأستعين برأيه، فقال له أسامة رضي الله عنه: قد فعلت. وسار أسامة رضي الله تعالى عنه، فجعل لا يمر بقبيلة تريد الارتداد، إلا قالوا: لولا أن لهؤلاء قوة ما خرج مثل هذا الجيش من عندهم، فلقوا الروم فقاتلوهم وهزموهم ورجعوا سالمين.

وعن عائشة رضي الله تعالى عنها قالت: خرج أبي يوم الردة شاهرا سيفه، راكبا راحلته، فجاء علي رضي الله تعالى عنه حتى أخذ بزمام راحلته، وقال: أقول لك ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد: «شم سيفك لا تفجعنا بنفسك فو الله لئن أصبنا بك، لا يكون للإسلام بعدك نظام أبدا» ومعنى شم اغمد. وقال ابن قتيبة: ارتدت العرب إلا القليل منهم فجاهدهم الصديق حتى استقاموا وفتح اليمامة وقتل مسيلمة الكذاب بها والأسود العنسي الكذاب بصنعاء. وبعث الجيوش إلى الشأم والعراق وقال أبو رجاء العطاردي: دخلت المدينة فرأيت الناس مجتمعين ورأيت رجلا يقبل رأس رجل ويقول: أنا فداؤك، والله لولا أنت لهلكنا. فقلت: من المقبل والمقبل؟ فقالوا:

عمر يقبل رأس أبي بكر رضي الله تعالى عنهما، من أجل قتال أهل الردة. وقالت عائشة رضي الله تعالى عنها: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم ارتدت العرب، واشرأب «٢» النفاق، ونزل بأبي ما لو نزل على الجبال الراسيات لهاضها، وقال أبو هريرة رضي الله تعالى عنه: والله الذي لا إله إلا هو لو لم يستخلف أبو بكر رضي الله تعالى عنه، ما عبد الله تعالى. ثم قال الثانية ثم قال الثالثة. قالوا:

وكان من اللين والتواضع على جانب عظيم. ولما مرض ترك التطبيب تسليما لأمر الله تعالى فعاده الصحابة رضي الله تعالى عنهم، وقالوا ألا ندعو لك طبيبا ينظر إليك؟ فقال: نظر إلي قالوا وما قال لك؟ قال: قال لي إني فعال لما أريد.

توفي رضي الله عنه ليلة الثلاثاء بين المغرب والعشاء لثمان بقين من جمادى الآخرة سنة ثلاث عشرة من الهجرة، وله رضي الله عنه ثلاث وستون سنة وكان سبب موته كمدا لحقه على رسول الله صلى الله عليه وسلم ما زال يذيبه. والكمد الحزن المكتوم ودفن في حجرة عائشة أم المؤمنين مع سيدنا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكانت خلافته رضي الله عنه سنتين وثلاثة أشهر وثمانية أيام.

<<  <  ج: ص:  >  >>