للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حاوله الشيطان، كما نسخ كثير من القرآن ورفعت تلاوته وكان في إنزال الله تعالى لذلك حكمة.

وفي نسخه حكم ليضل به من يشاء ويهدي به من يشاء، وما يضل به إلا الفاسقين، ليجعل ما يلقي الشيطان فتنة للذين في قلوبهم مرض، والقاسية قلوبهم وإن الظالمين لفي شقاق بعيد وليعلم الذي أوتوا العلم أنه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم وإن الله لهادي الذين آمنوا إلى صراط مستقيم.

[فائدة أخرى]

: روى الإمام محمد بن الربيع الجيزي، في مسند من دخل مصر من الصحابة، رضي الله تعالى عنهم، عن عقبة بن عامر رضي الله تعالى عنه، أنه قال: كنت عند رسول الله صلى الله عليه وسلم أخدمه، فإذا أنا برجال من أهل الكتاب معهم مصاحف أو كتب، فقالوا: استأذن لنا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فانصرفت إليه فأخبرته بمكانهم فقال صلى الله عليه وسلم: «ما لي ولهم يسألونني عما لا أدري إنما أنا عبد لا علم لي إلا ما علمني ربي عز وجل» ثم قال صلى الله عليه وسلم: «ابغني وضوءا» فتوضأ. ثم قام إلى مسجد في بيته فركع ركعتين، فلم ينصرف حتى عرفت السرور في وجهه والبشر. ثم قال صلى الله عليه وسلم: «اذهب فأدخلهم ومن وجدت من أصحابي بالباب فأدخله معهم» قال: فأدخلتهم، فلما رفعوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «إن شئتم أخبرتكم عما أردتم أن تسألوني قبل أن تتكلموا، وإن شئتم تكلموا به وأخبركم» . فقالوا: بل أخبرنا قبل أن نتكلم قال صلى الله عليه وسلم: «جئتم تسألونني عن ذي القرنين، وسأخبركم عما تجدونه مكتوبا عندكم إن أول أمره أنه غلام من الروم أعطي ملكا، فسار حتى بلغ ساحل أرض مصر، فابتنى عنده مدينة يقال لها الاسكندرية، فلما فرغ من بنائها، أتاه ملك فعرج به حتى استقله، فرفعه ثم قال له: انظر ماذا ترى تحتك، قال: أرى مدينتي وأرى مدائن معها، ثم عرج به وقال: انظر ماذا تحتك قال: قد اختلطت مدينتي مع المدائن فلا أعرفها، ثم زاد فقال: انظر فقال: أرى مدينتي وحدها لا أرى معها غيرها فقال له الملك: إنما تلك الأرض كلها، والذي ترى محيطا بها هو البحر. وإنما أراد ربك عز وجل أن يريك الأرض وقد جعل لك سلطانا. وسوف يعلم الجاهل ويثبت العالم، فسار حتى بلغ مغرب الشمس، ثم سار حتى بلغ مطلع الشمس، ثم أتى السدين، وهما جبلان لينان يزلق عنهما كل شيء، فبنى السد، ثم جاء يأجوج ومأجوج ثم قطعهم فوجد قوما وجوههم وجوه الكلاب، يقاتلون يأجوج ومأجوج، ثم قطعهم فوجد قوما قصارا يقاتلون القوم الذين وجوههم وجوه الكلاب، ثم مضى فوجد أمة من الغرانيق يقاتلون القوم القصار، ثم مضى فوجد أمة من الحيات تلتقم الحية منها الصخرة العظيمة، ثم أفضى إلى البحر المحيط بالأرض» فقالوا: نشهد أن أمره كان هكذا كما ذكرت وإنا نجده هكذا في كتبنا.

وروي أن ذا القرنين، لما بنى السد وأحكمه، انطلق يسير حتى وقع على أمة صالحة يهدون بالحق وبه يعدلون، مقسطة مقتصدة يقسمون بالسوية، ويحكمون بالعدل، ويتراحمون حالهم واحدة وكلمتهم واحدة، وأخلاقهم مستقيمة، وطريقتهم مستوية، وقبورهم بأبواب بيوتهم، وليس لبيوتهم أغلاق، وليس عليهم أمراء، ولا بينهم قضاة، ولا بينهم أغنياء ولا فقراء، ولا أشراف ولا ملوك، لا يختلفون ولا يتفاضلون، ولا يتنازعون ولا يتسابون، ولا يقتتلون ولا يضحكون، ولا يحزنون ولا تصيبهم الآفات التي تصيب الناس، وهم أطول الناس أعمارا، وليس

<<  <  ج: ص:  >  >>