للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عمران، ففعلت وكانت شجيعة وقيل «١» فيها:

وفت غزالة نذرها ... يا ربّ لا تغفر لها

وهرب الحجاج في بعض حروبه مع شبيب من غزالة، فعيره عمران بن قحطان «٢» السدوسي بقوله «٣» :

أسد علي وفي الحروب نعامة ... فتخاء تنفر من صفير الصافر

هلا كررت إلى غزالة في الوغى ... بل كان قلبك في جناحي طائر

وحكي أن الحجاج، لما برز له شبيب الخارجي، في بعض أيام محاربته، أبرز إليه غلاما له ألبسه لباسه المعروف به، وأركبه فرسه الذي لم يكن يقاتل إلا عليه، فلما رآه شبيب غمس نفسه في الحرب إلى أن خلص إليه، فضربه بعمود، وكان بيده، وهو يظنه الحجاج، فلما أحس الغلام بالضربة، قال: أخ بالخاء المعجمة، فعرف شبيب منه بهذه اللفظة، أنه عبد فانثنى عنه، وقال:

قبح الله ابن أم الحجاج، أيتقي الموت بالعبيد؟.

قال الجوهري: والعرب إنما تنطق بهذه اللفظة بالحاء المهملة، ولما عجز الحجاج عن شبيب، بعث إليه عبد الملك عساكر كثيرة من الشأم، فتكاثروا على شبيب فهرب فلما حصل على جسر دجلة بالأهواز، نفر به فرسه وعليه الحديد الثقيل، من درع ونحوه فألقاه في الماء، فقال له بعض أصحابه: أغرقا يا أمير المؤمنين؟ قال: ذلك تقدير العزيز العليم، فلما غرق ألقاه دجلة إلى الساحل، فحملوه إلى الحجاج فشق بطنه واستخرج قلبه، فإذا هو كالحجر، إذا ضربت به الأرض نبا عنها، فشق فكان داخله قلب صغير كالكرة، فشق فأصيب فيه علقة من الدم. وكان شبيب إذا صاح على الجيش لا يلوي أحد على أحد. ولما غرق أحضر عبد الملك عتبان الحروري، وهو يرى رأي الخوارج، فقال: يا عدو الله ألست القائل «٤» :

فإن يك منكم كابن مروان وابنه ... وعمرو ومنكم هاشم وحبيب

فمنا حصين والبطين وقعنب ... ومنا أمير المؤمنين شبيب

فقال: لم أقل ذلك يا أمير المؤمنين، وإنما قلت: ومنا أمير المؤمنين شبيب، فقبل قوله وعفا عنه.

وهذا الجواب في نهاية الحسن، فإنه إذا كان قوله ومنا أمير المؤمنين شبيب مرفوعا كان مبتدأ فيكون شبيب أمير المؤمنين، وإذا نصب، كان معناه ومنا يا أمير المؤمنين شبيب.

ولم يخرج عليهم أحد مثل شبيب، فإن أيامه طالت وهزم عساكر كثيرة وجبى الخراج وقال أبو يوسف الجوهري:

<<  <  ج: ص:  >  >>