للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

يجلد خمسين. ولهذه المسألة تتمات مذكورة في كتب الفقه.

وذكر المفسرون في قوله «١» تعالى: وَداوُدَ وَسُلَيْمانَ إِذْ يَحْكُمانِ فِي الْحَرْثِ إِذْ نَفَشَتْ فِيهِ غَنَمُ الْقَوْمِ

الآية. عن ابن عباس وقتادة والزهري أن رجلين دخلا على داود عليه السلام، أحدهما صاحب حرث والآخر صاحب غنم، فقال صاحب الزرع: إن هذا تفلتت غنمه ليلا فوقعت في حرثي فأفسدته ولم تبق منه شيئا. فأعطاه داود رقاب الغنم بالحرث. فخرجا من عنده، فمرا على سليمان عليه السلام، فقال: كيف قضى بينكما؟ فأخبراه، فقال سليمان: لو وليت أمركما لقضيت بغير هذا. فدعاه داود فقال له: بحق النبوة والأبوة يا بني إلا ما حدثتني بالذي هو أرفق بالفريقين. فقال سليمان: ادفع الغنم إلى صاحب الحرث ينتفع بدرها ونسلها وصوفها ومنافعها ويبذر صاحب الغنم لصاحب الحرث، مثل حرثه فإذا صار الحرث كهيئته يوم أكل، دفع إلى أهله وأخذ صاحب الغنم غنمه. فقال داود: القضاء كما قضيت.

وكان عمر سليمان يوم حكم بهذا الحكم إحدى عشرة سنة. والنفش الرعي بالليل، والهمل الرعي بالنهار. وهما الراعي بلا راع.

ونختم الكلام على الغنم بما في أول عجائب المخلوقات عن موسى بن عمران عليه الصلاة والسلام، أنه اجتاز بعين ماء، في سفح جبل، فتوضأ منها ثم ارتقى الجبل ليصلي، إذا أقبل فارس فشرب من ماء العين، وترك عندها كيسا فيه دراهم، وذهب مارا، فجاء بعده راعي غنم فرأى الكيس فأخذه ومضى. ثم جاء بعده شيخ عليه أثر البؤس، وعلى رأسه حزمة حطب، فوضعها هناك ثم استلقى ليستريح، فما كان إلا قليل حتى عاد الفارس يطلب كيسه فلم يجده، فأقبل على الشيخ يطالبه به فأنكر، فلم يزالا كذلك حتى ضربه ولم يزل يضربه حتى قتله. فقال موسى: يا رب كيف العدل في هذه الأمور؟ فأوحى الله تعالى إليه إن الشيخ كان قد قتل أبا الفارس، وكان على الفارس دين لأبي الراعي مقدار ما في الكيس، فجرى بينهما القصاص وقضى الدين وأنا حكم عدل.

قال في كتاب المحكم والغايات: قال أصحاب التجارب: ومما يورث الغم المشي بين الأغنام، والتعمم جالسا ولبس السراويل قائما، وقص اللحية بالأسنان، والقعود على أسكفة الباب، والأكل بالشمال، ومسح الوجه بالأذيال، والمشي على قشور البيض، والاستنجاء باليمين والضحك في المقابر.

[الحكم]

: يحل أكل الغنم وبيعها بالنص والاجماع. ويجب في سائمتها الزكاة، ففي كل أربعين شاة شاة جذعة ضأن أو ثنية معز. وفي مائة وإحدى وعشرين شاتان، وفي مائتين وواحدة ثلاث شياه، وفي أربعمائة أربع شياه، ثم في كل مائة شاة شاة والسنة أن تقلد إذا جعلت هديا إلى البيت العتيق، لما روى البخاري عن عائشة رضي الله تعالى عنها، أنها قالت: كنت أفتل قلائد الهدى للنبي صلى الله عليه وسلم، فقلد الغنم. وهذا الحديث حجة للشافعي وأحمد وإسحاق وأبي ثور في

<<  <  ج: ص:  >  >>