للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهو عنه راض، وبشره بالجنة ودعا له بالخصوصية، غير مرة فأثرى وكثر ماله، وكانت له شفقة ورأفة، فلما ولي زاد تواضعه وشفقته ورأفته برعيته، وكان يطعم الناس طعام الإمارة ويأكل الخل والزيت، وجهز جيش العسرة بتسعمائة وخمسين بعيرا بأحلاسها وأقتابها «١» ، وأتم الألف بخمسين فرسا، وقال قتادة: حمل عثمان رضي الله تعالى عنه على ألف بعير، وسبعين فرسا، وقال الزهري:

حمل على تسعمائة وأربعين بعيرا وستين فرسا.

وعن حذيفة بن اليمان، قال «٢» : «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى عثمان رضي الله تعالى عنه في تجهيز جيش العسرة، فبعث إليه عثمان بعشرة آلاف دينار، فصبت بين يديه فجعل صلى الله عليه وسلم يقلبها بيده، ويقول غفر الله لك يا عثمان، ما أسررت وما أعلنت، وما هو كائن إلى يوم القيامة» . وفي رواية: «ما يضر عثمان ما فعل بعد اليوم واشترى بئر رومة بخمسة وثلاثين ألفا وسبلها» .

وله رضي الله تعالى عنه من الخيرات وأفعال البر ما يطول ذكره. قال ابن قتيبة وافتتح في أيامه الإسكندرية وسابور وإفريقية، وقبرس وسواحل الروم، واصطخر الأخرى وفارس الأولى وخوزستان، وفارس الأخرى وطبرستان، وكرمان وسجستان، والأساورة وإفريقية، من حصون قبرص وساحل الأردن ومرو. ولما عمرت المدينة وصارت وافرة الأنام وقبة الإسلام، وكثرت فيها الخيرات والأموال وجبى إليها الخراج، من الممالك وبطرت الرعية من كثرة الأموال والخيل، والنعم، وفتحوا أقاليم الدنيا واطمأنوا وتفرغوا، أخذوا ينقمون على خليفتهم عثمان رضي الله تعالى عنه، لأنه كان له أموال عظيمة، وكان له ألف مملوك ولكونه يعطي المال لأقاربه ويوليهم الولايات الجليلة، فتكلموا فيه إلى أن قالوا: هذا لا يصلح للخلافة وهموا بعزله وثاروا لمحاصرته وجرت أمور يطول ذكرها فحاصروه في داره أياما وكانوا أهل جفاء، ورؤوس شر، فوثب عليه ثلاثة فذبحوه في بيته، والمصحف بين يديه، وهو شيخ كبير، وكان ذلك أول وهن وبلاء على هذه الأمة بعد نبيهم صلى الله عليه وسلم فإنا لله وإنا إليه راجعون. قتلوه قاتلهم الله، يوم الجمعة الثامن عشر من ذي الحجة الحرام سنة خمس وثلاثين.

ومناقبه رضي الله تعالى عنه كثيرة جدا. شهد له رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة وقال: ألا أستحيي ممن تستحيي منه الملائكة وأخبر صلى الله عليه وسلم، بأنه شهيد وأنه يبتلى، وتفرقت الكلمة بعد قتله رضي الله تعالى عنه، وماج الناس واقتتلوا للأخذ بثاره حتى قتل من المسلمين تسعون ألفا، وقال ابن خلكان وغيره: لما بويع عثمان رضي الله تعالى عنه، نفى أباذر الغفاري «٣» رضي الله تعالى عنه إلى الربذة «٤» لأنه كان يزهد الناس في الدنيا ورد الحكم بن أبي العاص «٥» وكان قد نفاه

<<  <  ج: ص:  >  >>