للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

الملك بن مسلم، عن عيسى بن حطان، وليسا ممن يحتج بهما. وهذا عند جماعة من أهل العلم منكر إضافة الزنا إلى غير مكلف، وإقامة الحدود على البهائم. ولو صح، لكانوا من الجن، لأن العبادات والتكليفات في الجن والإنس دون غيرهما اهـ.

وعمرو بن ميمون المذكور، خرج له أصحاب الكتب الستة، وحج ستين حجة توفي في سنة سبع وخمسين. وكان من الذين إذا روا ذكر الله تعالى. وأما حديث الضب والفأر فكان ذلك قبل أن يوحى إليه صلى الله عليه وسلم أن الله تعالى لم يجعل للممسوخ نسلا، فلما أوحى إليه، زال عنه ذلك المتخوف، وعلم أن الضب والفأر ليسا مما مسخ، فعند ذلك أخبرنا بقوله صلى الله عليه وسلم، لمن سأله عن القردة والخنازير، أهي مما مسخ؟ فقال صلى الله عليه وسلم: «إن الله لم يهلك قوما أو يعذب قوما فيجعل لهم نسلا وإن القردة والخنازير كانوا قبل ذلك» «١» . وهذا نص صريح، رواه عبد الله بن مسعود رضي الله تعالى عنه. وقد أخرجه مسلم في كتاب القدر، وثبتت النصوص بأكل الضب بحضرته صلى الله عليه وسلم، وعلى مائدته فلم ينكره. فدل ذلك على صحة ما قلناه.

وعن مجاهد في تفسير آية المسخ، في بني إسرائيل: إنما مسخت قلوبهم فقط، وردت أفهامهم كأفهام القردة. وهذا قول تفرد به عن جميع المسلمين.

[الحكم]

: أكل القرد حرام عندنا. وبه قال عكرمة وعطاء ومجاهد والحسن وابن حبيب من المالكية. وقال مالك وجمهور أصحابه: ليس بحرام. وأما بيعه فيجوز، لأنه يقبل التعليم فيمسك الشمعة، ويحفظ الأمتعة. وقال ابن عبد البر، في أوائل التمهيد: لا أعلم بين علماء المسلمين خلافا في أن القرد لا يؤكل، ولا يجوز بيعه، لأنه مما لا منفعة فيه. وما علمت أحدا رخص في أكله. والكلب والفيل وذو الناب كله عندي مثله. والحجة في قول رسول الله صلى الله عليه وسلم لا في قول غيره. وما يحتاج القرد ومثله إلى النهي عنه، لأنه ينهي عن نفسه بزجر الطباع والنفوس لنا عنه، ولم يبلغنا عن العرب ولا عن غيرهم أكله. وروي عن الشعبي، قال: إن النبي صلى الله عليه وسلم، «نهى عن لحم القرد» لأنه سبع فيدخل في عموم الخبر.

[الأمثال]

: منها قوله:

واسجد لقرد السوء في زمانه ... وداره مادمت في سلطانه

وقالوا: «أزنى «٢» من قرد» و «أحكى «٣» من قرد» لأنه يحكي الإنسان في أفعاله سوى المنطق قال أبو الطيب:

يرومون شأوي في الكلام وإنما ... يحاكي الفتى فيها خلا المنطق القرد «٤»

وقالوا: «أقبح «٥» من قرد» و «أولع «٦» من قرد» . لأنه إذا رأى الإنسان، تولع بفعل شيء أخذ بفعله مثله.

<<  <  ج: ص:  >  >>