للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

إلى قطا فقالت:

يا ليت ذا القطا لنا ... ومثل نصفه معه

إلى قطاة أهلنا ... إذا لنا قطا مائه

قال: وقوله واحكم كحكم فتاة الحي، أي أصب في أمرك كإصابة فتاة الحي، فهو من الحكم الذي يراد به الحكمة لا من الحكم الذي يراد به القضاء، قال الله تعالى: وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً

«١» أي حكمة. قال: وكان الأصمعي يروي شراع بالشين المعجمة، يريد الذي شرع في الماء. وروى غيره سراع بالسين المهملة، والثمد الماء القليل انتهى. وكانت عدة الحمام الذي رأته ستا وستين فتمنت، أن يكون لها هذا الحمام، ومثل نصفه وهو ثلاثة وثلاثون، ومجموع ذلك تسع وتسعون، فإذا ضم إلى حمامتها كان مائة. وقد تقدمت الإشارة إلى ذلك، في باب الحاء المهملة في الحمام. ويقال للقطاة: أم ثلاث، لأنها أكثر ما تبيض ثلاث بيضات قال الشاعر:

وأمّ ثلاث إن شببن عققنها ... وإن متن كان الصبر منها على نصب

يقول: إن شبّت فراخها فارقتها، فكان ذلك عقوقا لها، وإن متن لم تصبر إلا وهي حزينة قلقة.

والنصب: التعب والبلاء، ويقال للقطا والحمام وأنواعها أمهات الجوازل، والجوازل فراخها الواحد جوزل قال «٢» ذو الرمة:

سوى ما أصاب الذئب منه وسربه ... أطافت به من أمهات الجوازل

وقد تقدم قريب من هذا في باب الجيم. وسميت القطا بحكاية صوتها فإنها تقول ذلك، ولذلك تصفها العرب بالصدق، قال «٣» الكميت في وصفها:

لا تكذب القول إن قالت القطا صدقت ... إذ كلّ ذي نسبة لا بدّ ينتحل

وأنشد أبو عمر بن عبد البر في التمهيد، قول «٤» الشاعر. قال المبرد: وأظنه توبة بن الحمير:

كأنّ القلب حين يقال يغدى ... بليلى العامرية أو يراح

قطاة غرّها شرك فباتت ... تجاذبه وقد علق الجناح

فلا في الليل نالت ما ترجى ... ولا في الصبح كان لها براح

ثم قال: وقوله: غرها قد تصحف عليه، فقال: غرها من الغرور، وليس كذلك، إنما هو عزها أي غلبها، كما قالت العرب «من عز بز ومن غلب سلب» «٥» . وغلق الجناح بالغين المعجمة من قولهم: لا يغلق الرهن على راهنه وقد تصحف بالعين المهملة انتهى.

<<  <  ج: ص:  >  >>