للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

قال: ومن طبع القمل أنه يكون في شعر الرأس الأحمر أحمر، وفي الشعر الأسود أسود، وفي الشعر الأبيض أبيض، ومتى تغير الشعر تغير إلى لونه. قال: وهو من الحيوان الذي إناثه أكبر من ذكوره، وقيل: إن ذكوره الصيبان، وقيل: الصيبان بيضه، كما تقدم في باب الصاد المهملة.

روى «١» الحاكم، في أوائل المستدرك، من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه، أنه قال: يا رسول الله من أشد الناس بلاء؟ قال صلى الله عليه وسلم: «الأنبياء» . قال: ثم من؟ قال عليه الصلاة والسلام: «العلماء» . قال: ثم من؟ قال عليه الصلاة والسلام: «الصالحون كان أحدهم يبتلى بالقمل حتى يقتله، ويبتلى أحدهم بالفقر حتى لا يجد إلا العباءة يلبسها، ولأحدهم كان أشد فرحا بالبلاء من أحدكم بالعطاء» . ثم قال: صحيح الإسناد على شرط مسلم.

والقمل يسرع إلى الدجاج والحمام ويعرض للقردة. وأما قملة النسر، فهي التي تكون في بلاد الجبل، وتسمى بالفارسية دره، وهي إذا عضت قتلت، وهي أعظم من القمل، وإنما سميت قملة النسر لأنها تخرج منه.

[فائدة]

: اختلف العلماء في القمل المرسل على بني إسرائيل، فقال ابن عباس رضي الله تعالى عنهما: هو السوس الذي يخرج من الحنطة. وقال مجاهد والسدي والكلبي رضي الله تعالى عنهم:

هو الجراد الطيار الذي له أجنحة. وقيل: الدبا، وهو الجراد الصغار الذي لا أجنحة له. وقال عكرمة رضي الله تعالى عنه: بنات الجراد، وقال أبو عبيد: هو الحمنان، وهو ضرب من القراد.

وقال أبو زيد: البراغيث. وقال الحسن وسعيد بن جبير: دواب سود صغار. وقال عطاء الخراساني رضي الله تعالى عنه: هو القمل المعروف باسكان الميم.

روي أن موسى عليه الصلاة والسلام، مشى بعصاه إلى كثيب أعفر مهيل بقرية من قرى مصر تدعى عين شمس، فضربه بعصاه، فانتشر كله قملا في مصر، فتتبع ما بقي من حروثهم وأشجارهم ونباتهم، فأكله ولحس الأرض، وكان يدخل بين ثوب أحدهم وجلده فيعضه، وكان أحدهم يأكل الطعام، فيمتلىء قملا، فلم يصابوا ببلاء كان أشد عليهم من ذلك القمل، فإنه أخذ بشعورهم وأبشارهم، وأشفار عيونهم وحواجبهم، ولزم عيونهم وجلودهم، كأنه الجدري فمنعهم النوم والقرار فصرخوا وصاحوا إلى موسى عليه السلام: إنا نتوب فادع لنا ربك يكشف عنا هذا البلاء، فدعا لهم موسى عليه السلام، فرفع الله القمل عنهم بعدما أقام عليهم سبعة أيام، من السبت إلى السبت. والقمل هو أحد الآيات الخمس، قال «٢» الله تعالى: فَأَرْسَلْنا عَلَيْهِمُ الطُّوفانَ وَالْجَرادَ وَالْقُمَّلَ وَالضَّفادِعَ وَالدَّمَ آياتٍ مُفَصَّلاتٍ

يتبع بعضها بعضا وتفصيلها أن كل عذاب يمتد أسبوعا، وبين كل عذابين شهر. قال ابن عباس وسعيد بن جبير وقتادة ومحمد بن اسحاق رضي الله تعالى عنهم، في تفسير هذه الآية: لما آمنت السحرة، ورجع فرعون مغلوبا، أبى هو وقومه إلا الإقامة على الكفر والتمادي في الشر، فتابع الله عليهم الآيات وأخذهم بالسنين ونقص من الثمرات.

<<  <  ج: ص:  >  >>