للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

غيره سلم إليه، وإن تنازعوا فإن وجدنا كلابا وأمكنت القسمة عددا قسم، وإلا أقرع بينهم.

وهذا هو المذهب، وههنا المعتبر قيمتها عند من يرى لها قيمة ويعتبر منافعها، كما في الوصية من الروضة.

[تتمة]

: قوله تعالى: تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللَّهُ

«١» أي من العلم الذي كان علمكم الله دل على أن للعالم فضيلة ليست للجاهل، لأن الكلب إذا علم تحصل له فضيلة على غير المعلم، والإنسان إذا كان له علم أولى أن يكون له فضل على غيره كالجاهل، لا سيما إذا عمل بما علم. كما قال علي رضي الله تعالى عنه: لكل شيء قيمة، وقيمة المرء ما يحسنه. وقال لقمان لابنه، واسمه ثاران: وقيل: أنعم يا بني لكل قوم كلب، فلا تكن كلب قومك. وروى الإمام أحمد، في مسنده، والبزار والطبراني، من حديث عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال «٢» : «ضاف رجل رجلا من بني إسرائيل، وفي داره كلبة مجح، فقالت الكلبة: لا والله لا أنبح ضيف أهلي! قال:

فعوت جراؤها في بطنها فقيل: ما هذا؟ فأوحى الله إلى رجل منهم: هذا مثل أمة تكون من بعد يقهر سفاؤها حلماءها» . والمجح بالجيم المكسورة قبل الحاء المهملة. قيل: هي الحامل التي قرب ولادتها.

وفي صحيح «٣» مسلم وسنن أبي داود عن أبي الدرداء رضي الله تعالى عنه، أن النبي صلى الله عليه وسلم أتي بامرأة مجح على باب فسطاط، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «لعله يريد أن يلم بها» . فقالوا: نعم. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد هممت أن ألعنه لعنا يدخل معه قبره كيف يورثه وهو لا يحل له كيف يستخدمه وهو لا يحل له» .

[الأمثال]

: قال الله تعالى: وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ الَّذِي آتَيْناهُ آياتِنا فَانْسَلَخَ مِنْها فَأَتْبَعَهُ الشَّيْطانُ فَكانَ مِنَ الْغاوِينَ وَلَوْ شِئْنا لَرَفَعْناهُ بِها وَلكِنَّهُ أَخْلَدَ إِلَى الْأَرْضِ وَاتَّبَعَ هَواهُ فَمَثَلُهُ كَمَثَلِ الْكَلْبِ إِنْ تَحْمِلْ عَلَيْهِ يَلْهَثْ أَوْ تَتْرُكْهُ يَلْهَثْ

«٤» قال ابن عباس ومجاهد وغيرهما رضي الله تعالى عنهم أجمعين: هو رجل من الكنعانيين الجبارين اسمه بلعم بن باعوراء، وقيل بلعام بن باعر، وقال عطية عن ابن عباس: أصله من بني إسرائيل ولكنه كان مع الجبارين.

وقال مقاتل: هو من مدينة بلقاء، وكانت قصته على ما ذكره ابن عباس والسدي وغيرهما أن موسى صلى الله عليه وسلم لما قصد حرب الجبارين، ونزل أرض كنعان من أرض الشأم، أتي قوم بلعم وكانوا كفارا، وكان بلعم عنده اسم الله الأعظم، وكان مجاب الدعوة، فقالوا له: إن موسى رجل حديد، ومعه جنود كثيرة، وإنه قد جاء ليخرجنا من بلادنا، ويقتلنا ويحلها بني إسرائيل، وأنت رجل مجاب الدعوة، فاخرج وادع الله أن يردهم عنا.

فقال: ويلكم نبي الله ومعه الملائكة والمؤمنون كيف أدعو عليهم، وأنا أعلم من الله ما أعلم؟ وإني إن فعلت هذا ذهبت دنياي وآخرتي!؟ فراجعوه وألحوا عليه، فقال: حتى أؤامر ربي

<<  <  ج: ص:  >  >>