للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

حسن صحيح والعمل عليه عند بعض أهل العلم، وبه قال أحمد واسحاق وقال علي بن المديني:

سماع الحسن من سمرة صحيح.

وفي الصحيحين عن ابن عمر رضي الله تعالى عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال «١» : «لا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه، أيحب أحدكم أن تؤتى مشربته فتكسر خزانته فينقل طعامه، فإنما تخزن لهم ضروع مواشيهم أطعمتهم، فلا يحلبن أحد ماشية أحد إلا بإذنه» .

ومن أحكام الماشية أنها إذا أفسدت زرعا لغير مالكها، ولم يكن معها، فإن كان ذلك بالنهار لم يضمن، وإن كان بالليل ضمن، لما روى أبو داود وغيره عن حرام بن سعيد ابن محيصة، قال: إن ناقة للبراء بن عازب رضي الله تعالى عنه، دخلت حائط قوم فأفسدت، فقضى النبي صلى الله عليه وسلم أن على أهل الأموال حفظ أموالهم بالنهار، وعلى أهل المواشي ما أصابته مواشيهم بالليل. وقد تقدم في الغنم فرع له تعلق بهذا.

[تذنيب]

: إذا اشترك أهل الزكاة في ماشية زكوا زكاة الرجل الواحد، فلو كان أحدهم كافرا أو مكاتبا، فلا أثر لخلطته وهي تسمى خلطة ملك، وخلطة أعيان وخلطة اشتراك، وإذا خلطا مجاورة فكذلك الحكم لقوله «٢» صلى الله عليه وسلم: «لا يجمع بين متفرق ولا يفرق بين مجتمع خشية الصدقة» .

ورواه البخاري ويشترط في هذه أن لا تتميز في المشرع والمسرح والمراح، وهو موضع الحلب بفتح اللام. وكذا الراعي والفحل على الصحيح، ولا تشترط النية على الصحيح، لأن خفة المؤنة واتحاد المرافق لا يختلف بالقصد وعدمه، والله تعالى أعلم.

[مالك الحزين:]

قال الجوهري: إنه من طير الماء، وقال ابن بري، في حواشيه إنه البلشون.

قال: وهو طائر طويل العنق والرجلين انتهى.

قال الجاحظ: من أعاجيب الدنيا أمر مالك الحزين لأنه لا يزال يقعد بقرب المياه، ومواضع نبعها من الأنهار وغيرها، فإذا نشفت يحزن على ذهابها، ويبقى حزينا كئيبا، وربما ترك الشرب حتى يموت عطشا، خوفا من زيادة نقصها بشربه منها. قال: وقريب من هذا دودة تضيء بالليل كضوء الشمع، وتطير بالنهار فيرى لها أجنحة، وهي خضراء ملساء غذاؤها التراب، لم تشبع منه قط، خوفا أن يفنى تراب الأرض فتهلك جوعا. قال: وفيها خواص كثيرة ومنافع واسعة.

وهذا الطائر لما كان يقعد عند المياه التي انقطعت عن الجري، وصارت مخزونة، سمي مالكا، ولما كان يحزن على ذهابها سمي بالحزين، وهو عطف بيان لمالك، كما يقال: أبو حفص عمر. وقال التوحيدي، في كتاب الامتناع والمؤانسة: مالك الحزين ينشل الحيتان من الماء فيأكلها، وهي طعامه، وهو لا يحسن السباحة، فإن أخطأه الانتشال، وجاع طرح نفسه على شاطىء البحر وفي بعض ضحضاحاته، فإذا اجتمع إليه السمك الصغار، أسرع إلى خطف ما استطاع منها. ولا يحتاج إلى تزاوج ولا سفاد.

<<  <  ج: ص:  >  >>