للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

جبريل» . ثم مات الخصي في زمن عمر فجمع الناس لشهود جنازته وصلى عليه عمر ودفن بالبقيع.

وأهدى المقوقس أيضا للنبي صلى الله عليه وسلم قدحا من قوارير، كان صلى الله عليه وسلم يشرب فيه، وثيابا من قباطي مصر ومطرفا من مطرفاتهم، وطرفا من طرفهم، وألف مثقال ذهبا وعسلا من عسل بنها. فأعجب النبي صلى الله عليه وسلم العسل ودعا في عسلها بالبركة.

ووصلت الهدايا إلى النبي صلى الله عليه وسلم سنة سبع وقيل سنة ثمان. وهلك المقوقس في ولاية عمرو بن العاص ودفن في كنيسة أبي يحنس على نصرانيته. وكان الرسول إليه من قبل النبي صلى الله عليه وسلم حاطب بن بلتعة رضي الله تعالى عنه الذي شهد له بالإيمان، وكان حاطب عاقلا لبيبا حازما لا يخدع، باع بعض أصحابه بيعة غبن فيها لغيبة حاطب فقال «صفقة لم يحضرها حاطب» ، فضرب ذلك مثلا في شراء كل صفقة ربح بائعها.

قال حاطب: لما بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى المقوقس، جئته بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فأنزلني في منزله، وأقمت عنده ليالي، ثم بعث إلي وقد جمع بطارقته، فقال: إني سأكلمك بكلام أحب أن تفهمه مني. قال: فقلت: هلم. فقال: أخبرني عن صاحبك أليس هو نبيا؟ قال: قلت: بلى.

قال: هو رسول الله؟ قلت: بلى هو رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال: فما باله، حيث كان هكذا لم يدع على قومه، لما أخرجوه من بلده إلى غيرها؟ فقلت له: فعيسى ابن مريم أتشهد أنه رسول الله؟ قال:

كذا. قلت: فما باله، حيث أخذه قومه، وأرادوا صلبه، لم يدع عليهم بأن يهلكهم الله، بل رفعه الله إليه في سماء الدنيا؟ قال: أحسنت أنت حكيم من حكيم.

[المكاء:]

بضم الميم وبالمد والتشديد طائر يصوت في الرياض، يسمى مكاء لأنه يمكو أي يصفر كثيرا ووزنه فعال كخطاف. والأصوات في الأكثر تأتي على فعال بتخفيف العين كالبكاء والصراخ والرغاء والنباح والجؤار ونحوه. وجمعه المكاكي وهذا الطائر يصفر ويصوت كثيرا. قال البغوي في تفسير المكاء: الصفير وهو في اللغة اسم طائر أبيض يكون بالحجاز له صفير، وقال ابن السكيت في إصلاح المنطق: يقال: مكا الطائر ومكا الرجل يمكو مكوا، إذا جمع يديه وصفر فيهما، وكأنهم اشتقوا له هذا الاسم من الصياح. وجمعه المكاكي والمكاء الصفير قال الله تعالى:

وَما كانَ صَلاتُهُمْ عِنْدَ الْبَيْتِ إِلَّا مُكاءً وَتَصْدِيَةً

«١» أي صفيرا أو تصفيقا. وقال ابن قتيبة:

المكاء الصفير أي بالتخفيف والمكاء بالتشديد طائر يصفر في الرياض ويمكو أي يصفر. قال الشاعر:

إذا غرّد المكاء في غير روضة ... فويل لأهل الشاء والحمرات

قال البطليوسي في الشرح: إن المكاء إنما يألف الرياض فإذا غرد في غير روضة، فإنما يكون ذلك لإفراط الجدب وعدم النبات، وعند ذلك يهلك الشاء والحمير، فالويل لمن لم يكن له مال غيرهما.

<<  <  ج: ص:  >  >>