للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سها عن ذكر بلد ما، أو أنسته الأيام ذكرها، أو أهمله، أو مرّ به ولم يجد فيه بغيته. على أننا نرجّح أنه لم يزر بلاد الشام ومصر والجزيرة والحجاز، لعدم وجود ذكر واحد لهذه المنطقة، ولكثرة الرواة الذين أملوا عليه شعر تلك المناطق وإذا راجعنا هذه الأسماء وجدنا أنه مرّ بعدد منها أكثر من مرّة وخاصة نيسابور وزوزن وخراسان والري.

وقد تصادفنا تعابير ذكرها الباخرزي، مفادها أنه ترك بلدا ليستقبل آخر، وهذا يلقي ضوءا على اتجاهه في رحلته كما في قوله: «واتفق أني وافيت نيسابور منصرفي من البصرة «١» .

ونراه في المقدّمة قويّ العزيمة، شديد الشكيمة من أجل السفر. يستسهل الصعاب ويتحمّل وعثاء الرحيل ومخاطره ليبلغ مبتغاه. غير أنّ المهمّة الشديدة لم تكن من أجل أيام أو شهور أو حتى سنوات قليلة. فقد كانت النيّة منذ البدء أن تكون الرحلة طويلة الأمد، وإلا لما كان هذا الوداع الذي لقيه من صحبه ومودّعيه حارا، ولما انهالت الدموع هكذا غزارا «٢» .

وكم كنّا نودّ معرفة سنة ولادته لنرى عمره أوان الرحيل. غير أننّا نستشفّ من كلامه أنّ الرحلة بدأت سنة ٤٣٤ هـ- ١٠٤٢ م، وهو ما زال في سنّ الشباب اليافع، ودون العشرين «٣» . وإذا عرفنا أنه حطّ عصا الترحال سنة ٤٦٤ هـ- ١٠٧١ م في نيسابور عرفنا أنه قضى ثلاثين سنة في رحلته دون أن يتوقّف عن الترحال والتجوال إلا بعد أن هدّه التعب وفضحه الشيب «٤» . وقد

<<  <  ج: ص:  >  >>