للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويرجع السبب، فيما نحسب، الى أنه عرف أنّ مهد الشعر العربي هو البادية والحجاز، فعليه إذا أن يكون حديثه مبدوءا من هناك. وبما أنّ الصفحات الأولى كانت للحجاز فانه استسهل أن يعود بتسلسل جغرافي من الغرب إلى الشرق، فنراه ينتقل بعدئذ إلى شعراء الشام ومصر والمغرب، ثم شمال العراق.

وهكذا الى أن يصل إلى باخرز وما حولها حسب الخارطة التاريخية التي وضعناها في مطلع الدراسة.

فاذا وجدنا أن الجزء الأول قد جمع شتات عدد متفرّق من المناطق، فانّ الجزء الثاني ضمّ فضلاء منطقة واحدة في قسم واحد. وإذا لاحظنا أنه يخلط في الجزء الأول بين (الشعراء) و (الفضلاء) ، بحيث أطلق الكلمة الأولى على أعلام الأول والثاني والرابع، وأطلق الكلمة الثانية على الثالث والخامس، فان الجزء الثاني امتاز بترتيب وتنظيم علميّين. فتراه ينقلك من بلد إلى بلد.

بعد أن يعلمك في ختام تجواله في البلدة الأولى أنه انتهى منها ويتّجه شطر الأخرى. فيقول- مثلا- في بدء دخوله أسفراين في مطلع الجزء الثاني:

«وهذه طبقة أسفراين، وقد سقت إلى بحارهم السفائن، فعاين من محاسنها ما شئت أن تعاين، تجدها أملأ الأفكار والسرائر» . وعندما ينتهي منها يقول:

«وقد فرغت من أسفراين، واستفرغت طبقتها وجئت جوين فنشرت ورقتها» . وهكذا يفعل في مطلع زيارته للبلدان أو بعد جولته فيها كبيهق وجام وخواف ونيسابور.

غير أنه إذا توقّف عند بلدته باخرز أشعرك أنّ بلدته ذات مقام خاص لديه، فهي التي خرّجته وأعلته. ومن أجلها ألّف كتابا خاصا في شعرائها.

ويتهيّأ القارىء ليرى عددا من الأسماء يزيد بكثير عن سائر البلدان، وبطريقة مخالفة. ولكننا نجده يقف منهم موقفا مماثلا لما فعله قبل باخرز وبعدها.

ونراه يعرّف بخمسة أدباء في مطلع القسم الثاني، هم من خيرة من قابل في تلك البلدان. فمن نيسابور: الأمير العالم أبو الفضل الميكالي. ومن هرات:

<<  <  ج: ص:  >  >>