للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك شيء لا تعرفه الأوائل، فألجاتنا إلى أن نصف ما في الخصيان وإن لم يكن لذلك معنى في كتابنا، إذ كنّا إنما نقول في الجواري والغلمان.

والخصيّ- رحمك الله- في الجملة ممثّل به، ليس برجل ولا امرأة، وأخلاقه مقسّمة بين أخلاق النساء وأخلاق الصّبيان، وفيه من العيوب التي لو كانت في حوراء كان حقيقا أن يزهد فيها منه؛ لأن الخصيّ سريع التبدّل والتنقّل من حدّ البضاضة وملاسة الجلد، وصفاء اللّون ورقّته، وكثرة الماء وبريقه، إلى التكسّر والجمود والكمود، والتقبّض والتجمّد والتحدّب، وإلى الهزال وسوء الحال. لأنّك ترى الخصيّ وكأنّ السيوف تلمع في وجهه، وكأنه مرآة صينيّة، وكأنّه جمّارة، وكأنّه قضيب فضّة قد مسّه ذهب، وكأنّ في وجناته الورد. فإن مرض مرضة، أو طعن في السنّ ذهب ذهابا لا يعود.

وقال بعض العلماء: إنّ الخصيّ إذا قطع ذلك العضو منه قويت شهوته، وقويت معدته، ولانت جلدته، وانجردت شعرته، وكثرت دمعته، واتّسعت فقحته، ويصير كالبغل الذي ليس هو حمارا ولا فرسا؛ لأنّه ليس برجل ولا امرأة. فهو مذبذب لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.

ويعرض للخصيّ سرعة الدّمعة والغضب، وذلك من أخلاق النساء والصّبيان. ويعرض له حبّ النميمة وضيق الصّدر بما أودع من السّرّ.

ويعرض لهم البول في الفراش ولا سيّما إذا بات أحدهم ممتلئا من النّبيذ.

ومما ناله من الحسرة والأسف لما فاتهم من النّكاح مع شدّة حبّهم للنساء، أبغضوا الفحول أشدّ من تباغض الأعداء، فأبغضوا الفحول بغض الحاسد لذوي النّعمة.

وزعم بعض أهل التجربة من الشّيوخ المعمّرين أنّهم اعتبروا أعمار

<<  <   >  >>