للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

على رحمه، وسببه الجاذب له إلى تمنّي مماتي أمتن من سببه إلى تمنّي بقائي، وهو إلى الحال الموجبة للقسوة والغلظة أقرب منه إلى الحال الموجبة للرقّة والعطف. وليس ينصرك إذا نصرك ولا يحامي عليك لقرابته منك، ولكن لعلمه بأنّه متى خذلك حلّ به ضعفك، واجترأ بعد ضعفك عليه عدوّه. فهو يريد بنصره من لا يجب عليه شكره، ويقوّي ضعف غيره بدفع الضعف عن نفسه.

جعلت فداك. ما كان عليك من بنيّ صغير يكون لي، ولا سيّما ولست عندك ممن يدرك كسبه أو تبلغ نصرته، أو يعاين برّه أو يؤمّل إمتاعه.

وما كان عليك مع كبر سنّي وضعف ركني، أن يكون لي ريحانة أشمّها وتمرة أضمّها، وأن أجد إلى الأماني به سببا، وإلى التلهّي سلّما، وأن تكثر لي من جنس سرور الحالم، وبقدر ما يمتّع به راجي السّراب اللامع، حتّى حببت قصر عمري إلى وليّي، وشوّقته إلى ابن عمّي؛ وحتّى زدت فيما عنده مع كثرة ما عنده، وحتّى صيّرني حبّه لموتي إلى حبّ موته، وتأميل مالي [إلى] تأميل فقره؛ وحتى شغلتني عمّن كان يشغل عدوّي عني.

وسواء أعبت عليّ ألا يكون لي ولد قبل أن يكون، أو عبت عليّ ألا يكون بعد أن كان. وإنما يعذّب الله على النيّة والقصد، وعلى التوخّي والعمد.

وكما أنّه سواء أن تحتال في ألا يكون لي مال قبل أن أملكه. أو احتلت في ألا يكون بعد أن ملكته.

وكنت لا أدري ما كان وجه حبّك لإعناتي، والتشييد بذكر ثرائي، والتنويه باسمي، ولا لم زهّدتني في طلب الولد، ورغّبتني في سيرة الرهبان.

<<  <   >  >>