للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

صداقة ما بين الخنفساء والعقرب، وما بال السواد يصبغ ولا ينصبغ وما بال البياض ينصبغ ولا يصبغ، ومن صاحب الاصطرلاب، ومن صاحب القرسطون.

ولم أسألك عن الحداد وإنما سألتك عن الفيلسوف وعن علته في المد والجزر.

وخبرني عن جوهر الأرض وعن جميع الفلز أشيء مفروغ من خلقه أم أرض يستحيل إليه، ولم عمل بعض السم في العصب وبعضه في الدم وبعضه فيهما جميعا، ولم كان بعضه سم نجاز وبعضه سم جهاز، ولم صار لا يقتل مع العادة وقتل قبل العادة، ألأنّ الطبائع تنكر الشيء الغريب أم لأنه ضد في نفسه، وكيف صار مع ريق الأفعى ريق بعض الناس في القتل وفي أيهما سم، ولم خالف البيش في العصب والدم، ولم يقتل العقرب إنسانا ويقتله آخر، ولم صارت الأفعى قاتلة وتأكلها القنافذ ولا تضرها وتأكلها الأروى فلا تتأذى بها، ولم صارت الهندية تقتل كل شيء ولا يقتلها شيء ولا يستمرئها شيء، ولم خالف النيل جميع الأودية في النقصان والزيادة، ولم بلغت جريته الشمال، ولم صار أقصاه كأدناه، ومتى يدال منه ومتى يحوله الامام..!؟

وقد علمت جعلت فداك أن الخبر إذا صح أصله وكان للناس علة في نشره وكان في الدلالة على الحق كالعيان وفي الشفاه كالسماع، على أن الخبر لا يعرف به تكيف الأمور لكن يعرف به جمل الأشياء إلا خبرك فإنك لا تحتاج إلى إشارة ولا إلى اعادة ولا إلى [علة ولا إلى] تفسير حتى يقوم خبرك في الشفاه وفي كيفية الشيء مقام العيان. وقد كنت أتعجب من محمد بن عبد الملك وأقول: ما تقولون في رجل لم يقل قط بعد انقضاء خصومته وذهاب خصمه: لو كنت قلت كذا كان أفضل، أو كنت لم أقل كذا كان أمثل، فما بال عفوه أكثر من جهدكم وبديهته أبعد من أقصى فكرتكم؟ فلما رأيتك علمت أنك عذاب صبه الله على كل رفيع، ورحمة أنشأها لكل وضيع.

<<  <   >  >>