للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وإنما يجولون ليقفوا على الطريق، فكيف أضل الجميع الطريق مع ارتفاع الذكر وشدة الطلب. وخبرني عن كلام عيسى في بطن أمه ثم في المهد، وعن عقل يحيى في حال الصبا، أكانا في حالهما يتعقلان ما لا يعلمان أم ينطقان بما يعلمان؟ وكيف علما، أبتجربة واستنباط وعن تمام أداة وكمال آلة، أم من طريق الإلهام والإخراج من العادة.

وقد تعجب ناس من إطالتي ومن كثرة مسألتي، وتعجبي من تعجبهم أشد والذي كان من إنكارهم أعظم ولو رغبوا في العلم رغبتي ورأوا فيه مثل رأيي وكانوا قرأوا كتابي إليك في شيبتي وأيام شباب رغبتي لاستقلوا من ذلك ما استكثروا ولا ستقصروا منه ما استطالوا. فإن أذنت لي أظهرته، وإن تجد علي أعلنته.

وسنقول: ما دعاك إلى التنويه بذكري وتعريف الناس مكاني، وقد تعرف حشمتي وانقباضي ونفوري واستيحاشي! ولولا أنك جعلت فداك مسؤول في كل زمان والغاية في كل دهر لما تفردتك بهذا الكتاب، ولما أطمعت نفسي في الجواب. ولكنك قد كنت أذنت في مثلها لهرمس، ثم لافلاطون، ثم لأرسطاطاليس، ثم أحببت معبد الجهني، وغيلان الدمشقي، وعمرو بن عبيد، وواصل بن عطاء، وإبراهيم بن سيار، وعلي بن خالد الاسواري، فتربية كفك والناشي تحت جناحك أحق بذلك وأولى، وقد كان يجب أن تكون على ذلك أحرص وبه أعنى.

[٣٣- اسئلة على المرائي والابصار]

وخبرني عن المرائي كيف صارت ترى الوجوه ويبصر فيها الخلق وكذلك كل أملس صقيل وصاف ساكن، كالسيف، والوذيلة، والقوارير، والماء الراكد، حتى الحبر البراق، والحدقة السوداء إذا كان الناظر في الحدقة أبيض

<<  <   >  >>