للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والحدقة المغربة إذا كان الناظر فيها أسود. وكيف صار الماء الجاري والنار الملتهبة والشمس ذات الشعاع لا تقبل الصورة ولا يثبت فيها الخلق. وعن قول من زعم أنه ليس في القمر محق ثابت، ولا كمد جامد، ولا سواد واكد، وإنما ذلك شيء رآه الناس فيه إذ كان أملس صقيلا بمقابلة الأرض وما فيها كما يرى من قابل الحدقة صورة إنسان، وليس هناك صورة، وإنما هو شيء يوجد عند المقابلة. ولم صار بعض المرائي يرى الوجه والقفا ويرى الرأس منكسا، ولم كنت لا تجد كتاب الستور والمطارح فيها أبدا إلا مقلوبا، وما تلك الصورة الثابتة في المرآة أعرض أم جوهر أم أي شيء، وحقيقة أم تخييل، والذي نرى أهو وجهك أو غير وجهك فان كان عرضا فما الذي ولده وما الذي أوجبه والوجه لم يماسه ولم يعمل فيه. وهل أبطلت تلك الصورة المرئية صورة مكانها في المرآة، ولم وأنت لست تراها في نفس صفيحة المرآة، ولم وكأنك تراها في هواء خلف جوفها، وهل أبطل ذلك اللون الذي هو في مثال لونك لون المرآة؟ فإن لم يكن أبطله فهناك إذا صورتان في جسم في حال واحد، أو لونان في جوهر واحد. وإن كان قد أبطل لون الحديد فكيف أبطله من غير أن يكون عمل فيه، وكيف يعمل فيه وحيزه غير حيزه وهو لا مماسّ ولا متصل ولا مصادم. وسواء ذكرنا صفيحة الحديد أم ما خلفها من الهواء وما قدامها من الفرجة، كل ذلك جسم ذو لون. فان اعتللت بالشعاع الفاصل والشعاع يخالف في الحس، كذلك الحساس وكذلك المحسوس، وكيف نرى المخالف وكيف والشعاع لون وبياض والنفس الحساسة لا تدرك بشيء من الحواس وما الفرق بين الأثعبان والاحللان وعن قول ما بين السمون والحفرة.

وخبرني عن القرسطون كيف أخرج أحد رأسيه ثلاثمائة رطل زاد ذلك أم نقص ووزن جميعه ثلاثون رطلا زاد ذلك أم نقص. وما تقول في السراب، وما تقول في الصدى، وما تقول في القوس، وما تقول في طريقة الحمرة،

<<  <   >  >>