للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بعث ١ الرجيع

وَقدم على رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي شهر صفر وَهُوَ آخر٢ السّنة الثَّالِثَة من الْهِجْرَة نفر من عضل والقارة وهم بَنو الْهون بْن خُزَيْمَة بْن مدركة، فَذكرُوا لَهُ أَنهم قد أَسْلمُوا وَرَغبُوا أَن يبْعَث مَعَهم نَفرا من الْمُسلمين يعلمونهم الْقُرْآن ويفقهونهم فِي الدَّين.

فَبَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَعَهم سِتَّة٣ رجال: مرْثَد بْن أبي مرْثَد الغنوي، وخَالِد بْن البكير اللَّيْثِيّ، وَعَاصِم بن ثَابت بن أبي الْأَفْلَح، وخبيب بْن عدي وهما من بني عَمْرو بْن عَوْف، وَزيد بْن الدثنة، وَعبد اللَّه بْن طَارق حَلِيف بني ظفر، وَأَمَّرَ عَلَيْهِم مرْثَد٤ بْن أبي مرْثَد.

فنهضوا مَعَ الْقَوْم حَتَّى إِذا صَارُوا بالرجيع وَهُوَ مَاء لهذيل بِنَاحِيَة٥ الْحجاز استصرخوا عَلَيْهِم هذيلا، وغدروا بهم. فَلم يَرُعِ الْقَوْم وهم فِي رحالهم إِلَّا الرِّجَال قد غشوهم وبأيديهم السيوف. فَأخذ الْمُسلمُونَ سيوفهم ليقاتلوهم، فأمنوهم، وأخبروهم أَنهم لَا أرب لَهُم فِي قَتلهمْ وَإِنَّمَا يُرِيدُونَ٦ أَن يُصِيبُوا بهم فدَاء من أهل مَكَّة.

فَأَما مرْثَد بْن أبي مرْثَد وَعَاصِم بْن ثَابت وخَالِد بْن البكير فَأَبَوا أَن يقبلُوا مِنْهُم قَوْلهم ذَلِك، وَقَالُوا: وَالله لَا قبلنَا لِمُشْرِكٍ عهدا أبدا، وقاتلوا حَتَّى قتلوا، رَحْمَة اللَّه عَلَيْهِم. وَكَانَ عَاصِم بْن ثَابت قد قتل يَوْم أحد فتيين٧ من بني عَبْد الدَّار أَخَوَيْنِ أمهما سلافة بنت


١ انْظُر فِي هَذَا الْبَعْث ابْن هِشَام ٣/ ١٧٨ والواقدي ٣٤٤ وَابْن سعد ج٢ ق١ ص٣٩ وَالْبُخَارِيّ ٤/ ٦٧، ٥/ ١٠٣ والطبري ٢/ ٥٣٨ وَابْن حزم ص١٧٦ وَابْن سيد النَّاس ٢/ ٤٠ وَابْن كثير ٤/ ٦٢ والنويري ١٧/ ١٣٣.
٢ هَكَذَا فِي ر وَجَمِيع المصادر، وَفِي الأَصْل: أول، وَهُوَ خطأ من النَّاسِخ.
٣ هَكَذَا فِي ابْن هِشَام نقلا عَن ابْن إِسْحَاق، وَفِي صَحِيح البُخَارِيّ، وَابْن سعد أَنهم كَانُوا عشرَة، وَفِي الْوَاقِدِيّ أَنهم كَانُوا سَبْعَة وَكَذَلِكَ فِي الِاسْتِيعَاب ص١٦٧، وَلم يذكر الروَاة أَسمَاء ثَلَاثَة أما الرَّابِع فَهُوَ معتب بن عبيد أَخُو عبد الله بن طَارق لأمه وَقد قتل مَعَ مرْثَد وصاحبيه.
٤ فِي البُخَارِيّ وَبَعض المصادر: أَنه أَمر عَلَيْهِم عَاصِم بن ثَابت.
٥ بَين عسفان وَمَكَّة.
٦ هَكَذَا فِي ر وَابْن حزم وَهُوَ هُنَا يُتَابع ابْن عبد الْبر، وَفِي الأَصْل: أَرَادوا.
٧ هما مسافع والجلاس كَمَا مر آنِفا.

<<  <   >  >>