للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[مقاسم خَيْبَر وأموالها]

وَكَانَ رَسُول اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قد حَاز الْأَمْوَال كلهَا: الشق١ ونطاة والكتيبة وَجَمِيع حصونهم إِلَّا مَا كَانَ من ذَيْنك [الحصنين] ٢ فَلَمَّا سمع بهم أهل فدك٣ قد صَنَعُوا مَا صَنَعُوا بعثوا إِلَى رَسُول اللَّه يسألونه أَن يسيرهم وَأَن يحقن لَهُم دِمَاءَهُمْ ويحلوا لَهُ الْأَمْوَال فَفعل. وَكَانَ فِيمَن مَشى بَين رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَبينهمْ فِي ذَلِك محيصة بْن مَسْعُود أَخُو بني حَارِثَة. قَالَ: فَلَمَّا نزل أهل خَيْبَر على ذَلِك سَأَلُوا رَسُول اللَّه أَن يعاملهم فِي الْأَمْوَال على النّصْف، فعاملهم، وَقَالَ لَهُم: "على أَنَّا إِذا شِئْنَا أَن نخرجكم أخرجناكم". فَصَالحه أهل فدك على مثل ذَلِك. وَكَانَت خَيْبَر فَيْئا بَين الْمُسلمين، وَكَانَت فدك خَاصَّة لرَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لأَنهم لم يوجوفوا٤ عَلَيْهَا بخيل وَلَا ركاب.

قَالَ أَبُو عمر٥:

هَذَا هُوَ الصَّحِيح فِي أَرض خَيْبَر أَنَّهَا كَانَت عنْوَة كلهَا مَغْلُوبًا عَلَيْهَا بِخِلَاف فدك وَأَن رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قسم جَمِيع٦ أرْضهَا على الْغَانِمين لَهَا الموجفين بِالْخَيْلِ والركاب، وهم أهل الْحُدَيْبِيَة. وَلم يخْتَلف الْعلمَاء [فِي] أَن أَرض خَيْبَر مقسومة، وَإِنَّمَا اخْتلفُوا هَل تقسم الأَرْض إِذا غنمت الْبِلَاد أَو توقف؟ فَقَالَ الْكُوفِيُّونَ٧: الإِمَام مُخَيّر بَين قسمتهَا كَمَا فعل رَسُول اللَّه صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَرْض خَيْبَر وَبَين إيقافها كَمَا فعل عمر بسواد الْعرَاق، وَقَالَ


١ هَذِه بعض حصون خَيْبَر.
٢ زِيَادَة من ر ومصادر مُخْتَلفَة وهما الوطيح والسلالم.
٣ فدك قَرْيَة كَانَت للْيَهُود شمَالي خَيْبَر.
٤ يوجفوا: يجتمعوا.
٥ نقل ابْن سيد النَّاس هَذِه الْفَقْرَة بِطُولِهَا عَن ابْن عبد الْبر: وعقب عَلَيْهَا بمناقشة وَاسِعَة، لما ذكره ابْن عبد الْبر من أَنَّهَا فتحت جَمِيعهَا عنْوَة وَأَنَّهَا قسمت جَمِيعهَا على الفاتحين وحدهم. وسننقل عَنهُ بعض تعقيباته فِيمَا يَلِي من الهوامش وَانْظُر الطَّبَرِيّ ٣/ ١٩ وَسنَن أبي دَاوُد ٢/ ٢٦ وَمَا بعْدهَا وَالرَّوْض الْأنف ٢/ ٢٤٦.
٦ قَالَ ابْن سيد النَّاس ٢/ ١٣٧: أما قَوْله: قسم جَمِيع أرْضهَا، فَإِن الحصنين المفتتحين أخيرا وهما الوطيح والسلالم لم يجر لَهما ذكر فِي القمسة.
٧ الْكُوفِيُّونَ: أَصْحَاب مَذْهَب أبي حنيفَة.

<<  <   >  >>